للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مجلس في الجد في العمل وترك العجب به]

قال تعالى: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ﴾ (١) الآية.

روينا في الصحيحين من حديث عائشة أن رسول اللَّه : كان يقوم حتى تنفطر قدماه، فقيل له: لم تصنع هذا يا رسول اللَّه وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: "أفلا أكون عبدًا شكورًا" (٢).

وروينا في جامع الترمذي من حديث أنس مرفوعًا: "لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أكبر منه العجب" (٣).

ولنذكر من الحكايات ما يليق بذلك:

فالأولى: حكى أن عيسى مر هو ورجل من الحواريين بلصٍّ في قلعة له، ألقى اللَّه في قلبه التوبة فقال لنفسه: هذا عيسى روح اللَّه، وهذا فلان حواريه وأنت يا شقي لص بني إسرائيل قطعت الطريق وأخذت الأموال وسفكت الدماء.

ثم هبط إليهما تائبًا على ما كان منه، فلما لحقهما قال لنفسه تريدين أن تمشي معهما، لست لذلك أهلًا، بل خلفهما كالخاطئ المذنب.

فالتفت إليه الحواري (٤) فعرفه فقال: انظر إلى هذا الخبيث ومشيه خلفنا.

فاطلع اللَّه على ما في قلبه من الندامة وتوبته، وازدراء الحواري به وتفضيله نفسه


(١) سورة التوبة [١٠٥].
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب التهجد، [٦] باب قيام النبي ، في أول الباب تعليقًا، عن عائشة. وقد رواه البخاري عن المغيرة بن شعبة [١١٣٠] كتاب التهجد، [٦] باب قيام النبي ، وانظر رقم [٤٨٣٦، ٦٤٧١]، ومسلم في صحيحه [٨١ - (٢٨٢٠)] كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، [١٨] باب إكثار الأعمال والاجتهاد في العبادة، عن عائشة. وعن المغيرة في مسلم [٧٩ - (٢٨١٩)]، [٨٠] كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، [١٨] باب إكثار الأعمال والاجتهاد في العبادة.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه [٩ - (٢٧٤٨)] كتاب التوبة، [٢] باب سقوط الذنوب بالاستغفار التوبة، والترمذي [٣٥٣٩] كتاب التوبة، باب في فضل التوبة والاستغفار، والمنذري في الترغيب والترهيب [٣/ ٥٧١]، والعجلوني في كشف الخفا [٢/ ٢٣١].
(٤) الحواريُّ: الخالص المُنَقَّى من كل عيب، والصاحب والناصر، جمعها: حواريون، والحواريون في القرآن الكريم أنصار عيسى .

<<  <  ج: ص:  >  >>