فأوحى اللَّه إلى عيسى أن مُرْ الحواري واللص أن يستأنفا العمل جميعا، إن اللص قد غفرت له ما مضى لندامته.
وأما الحواري فقد حبط عمله لعجبه بنفسه وازدرائه.
الثانية: قال أبو حازم إن العبد ليعمل الحسنة (١) تسره حتى يعملها، وما خلق اللَّه سيئة أضرَّ له، فإن العبد ليعمل السيئة تسوءه حتى يعملها، وما خلق اللَّه من حسنه أنفع له منها وذلك أن العبد حين يعمل الحسنة يتحير فيها ويعجب نفسه ويرى أن له فضلًا على غيره، ولعل اللَّه يحبطها ويحبط معها عملًا كثيرا.
وإن العبد ليعمل السيئة تسوءه ولعل اللَّه يحدث له بها وجلا فيلقي اللَّه وإن خوفها لفي جوفه.
الثالثة: قال سلمان الفارسي ﵄: إذا أسأت سيئة في سريرة، فأحسن حسنة في علانية ليكون هذه بهذه أخرى.
وقال علي بن أبي طالب كرم اللَّه وجهه: أوحى اللَّه ﵎ إلى نبي من الأنبياء أنه ليس أهل بيت ولا أهل دار ولا أهل قرية يكونون على ما أحب فيتحولون إلى ما أكره إلا تحولت لهم عما يحبون إلى ما يكرهون، وليس من أهل بيت ولا أهل دار ولا أهل قرية يكونون لي على ما أكره فيتحولون من ذلك إلى ما أحب إلا تحولت لهم عما يكرهون إلى ما يحبون.
الرابعة: قال أبو حازم لا يحسن أحد فيما بينه وبين اللَّه إلا أحسن اللَّه ما بينه وبين العباد ولا يعوز ما بينه وبين اللَّه إلا أعوز اللَّه ما بينه وبين العباد.
ولمصانعة وجه واحد أيسر من مصانعة الوجوه كلها.
الخامسة: قال يحيى جاء سائل إلى ابن عمر فقال لإبنه أعطه دينارًا، فلما انصرف قال له ابنه تقبل اللَّه منك يا أبتاه.
فقال لو علمت أن اللَّه تقبل مني سجدة واحدة وصدقة درهم لم يكن غائب أحب إلي من الموت.
(١) روى مسلم في صحيحه [٢٠٣ - (١٢٨)] كتاب الإيمان، [٥٩] باب إذا هم العبد بحسنة كتبت وإذا هم بسيئة لم تكتب، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: "قال اللَّه ﷿: إذا همَّ عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه فإن عملها فاكتبوها سيئة، وإذا همَّ بحسنة فلم يعملها فاكتبوها حسنة، فإن عملها فاكتبوها عشرًا".