للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتدري ممن يتقبل اللَّه؟ ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ (١).

أخرى: وعن علي بن أبي طالب قال: ليس الخير أن يكثر مالك وتعظم دارك، ولكن الخير أن يكثر عملك ويعظم حلمك، فلا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين:

رجل أذنب ذنوبًا فهو يدارك ذلك بتوبة.

أو رجل يسارع في الخيرات، ولا يقل عمل في تقوى وكيف يقل ما يتقبل.

أخرى: وقال أبو حازم عجبًا لقوم يعملون لدار يرحلون عنها كل يوم مرحلة، ويدعون أن يعملوا لدار يرحلون إليها كل يوم مرحلة.

أخرى: وقال محمد بن إسحاق: قال أبو حازم إن بضاعة الآخرة كاسدة فاستكثروا منها في أول كسادها فإنه لو جاء يوم نَفَاقِها لم يصلوا منها لا إلى قليل ولا إلى كثير.

السادسة: حكى أن بعض المرابطين بعسقلان قام ذات ليلة يريد التهجد على السطح فإذا هو بهاتف يقول: يا معشر العباد قسمت العبادة ثلاثة أجزاء أولها قيام الليل وثانيها: صيام النهار، وثالثها: الدعاء والاستغفار والتسبيح، وهذا خير القسمة، فخذوا منه بالحظ الأوفر فسقط العابد على وجهه لما دخله من الصوت.

السابعة: قال شقيق البلخي (٢): طلبنا خمسًا فوجدناها في خمس: طلبنا بركة القوت، فوجدناها في صلاة الضحى، وطلبنا ضياء القبور فوجدناه في صلاة الليل وطلبنا جواب منكر ونكير فوجدناه في قراءة القرآن وطلبنا عبور الصراط (٣) فوجدناه


(١) سورة المائدة [٢٧]. أي ممن اتقى اللَّه في فعله ذلك، وروى ابن أبي حاتم بسنده عن أبي الدرداء قال: لئن استيقن أن اللَّه قد تقبل لي صلاة واحدة أحب إلي من الدنيا وما فيها أن اللَّه يقول: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ [المائدة: ٢٧]. وعنه بسنده عن معاذ بن جبل قال: "يحبس الناس في بقيع واحد فينادي مناد أين المتقون؟ فيقومون في كنف من الرحمن لا يحتجب اللَّه منهم ولا يستتر قلت: من المتقون؟ قال قوم اتقوا الشرك وعبادة الأوثان وأخلصوا العبادة فيمرون إلى الجنة". [تفسير ابن كثير (٢/ ٤٤، ٤٥)].
(٢) شقيق بن سلمة أبو وائل الأسدي أسلم في حياة النبي وكان من الأذكياء الحفاظ والأولياء العبَّاد، وكان ثقة كثير الحديث توفي سنة [٨٢]، [٩٩]، [١٠٠]، أخرج له أصحاب الكتب الستة. التقريب [١/ ٣٥٤]، التهذيب [٤/ ٣٦١].
(٣) مذهب أهل الحق إثباته، وقد أجمع السلف على إثباته وهو جسر على متن جهنم يمر عليه الناس كلهم، فالمؤمنون ينجون على حسب حالهم أي منازلهم والآخرون يسقطون فيها أعاذنا اللَّه الكريم منها وأصحابنا المتكلمون وغيرهم من السلف يقولون إن الصراط أدق من الشعرة وأحد من السيف. [النووي في شرح مسلم [٣/ ١٩] طبعة دار الكتب العلمية].

<<  <  ج: ص:  >  >>