للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الصوم والصدقة.

الثامنة: روى عن بشر الحافي أنه قال: رأيت رجلا عشية عرفة عليه الوله وهو يبكي وينتحب انتحابًا شديدًا ويقول: سبحان من لو سجدنا بالعيون له على شباك الشوك، والمحمي من الإبر، لم نبلغ العُشر من مِعْشَار نعمته، ولا العُشَيْر ولا عُشْرًا من العُشر.

وقال أيضا:

كم قد زللت فلم أذكرك في زللي … وأنت يا مالكي بالغيب تدركني

كم أكشف الستر جهلًا عند معصيتي … وأنت تلطف بي حلما وتسترني.

ثم غاب عني وحجب فلم أره، فسألت عنه فقيل لي هو أبو عبيد الخوَّاص، أحد الخواص له سبعون سنة ما رفع وجهه إلى السماء، فقيل له في ذلك.

فقال: إني لأستحي أن أرفع إلى المحسن وجهًا مسيئًا فواعجباه من مطيع يستحي ويتذلل مع إحسانه، ومن عاص لا يتذلل ولا يستحي من عصيانه.

التاسعة: عن بعض السلف أنه نام في وقت متوسدا، فأتاه آت في منامه فقال له: قل.

فقال: ما أقول؟ قال: قل.

يا خل إنك إن توسدت لينًا … وسدت بعد الموت (صم) (١) الجندل

فاعمل لنفسك في حياتك صالحًا … فلتندمنَّ من غد إذا لم تفعل

العاشرة: عن محمد بن السماك (٢) قال: كان لي جار بالكوفة له ولد وله من قيام الليل وصيام النهار، وكان إذا جنه الليل يبكي وينشد:

لما رأيت الليل أقبل خاشعا … بادرت نحو مؤانسي بنحيبي

أبكي فيقلقني إليه صبابتي … وأبيت مسرورًا بقرب حبيبي

فإذا كان آخر الليل يبكي ويقول عند السحر

ذكرت في الليل إذا لاحت معالمه … ما كان أنسى فيه لمولاي

ضمنت في القلب حبا قد كلفت به … واللَّه يعلم ما مكنون أحشائي.


(١) كذا بالأصل.
(٢) محمد بن السماك أبو العباس العطار البصري المذكر الكوفي، ويقال محمد بن صبيح بن السماك، أخرج له أحمد في المسند، قال محمد بن عبد اللَّه بن نمير: حديثه ليس بشيء، ذكره ابن حبان في الثقات، توفي سنة [١٨٣]. تعجيل المنفعة [٩٣٩] الجرح والتعديل [٧/ ٢٩٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>