للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن مشابهة الغضب والضلال في قسوة ببعد عن الرحمة وتوقع في الفسق والخروج عن الدين فقال تعالى: ﴿فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾ (١) وفيها العتب والتوبيخ على من لم يرع ما التزمه من الخير حق رعايته.

وروينا في الصحيحين من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص قال: قال لي رسول اللَّه : "يا عبد اللَّه، لا تكن مثل فلان؛ كان يقوم الليل فترك قيام الليل" (٢). وفيه النهي عن التأسِّي بالمتخلِّفين. والحاصل من ذلك كله التنفير من التهاون في ذلك والنهي عن اتخاذ أهل المهانة قدوة ومؤتسى.

[مجلس في استحباب طيب الكلام وطلاقة الوجه عند اللقاء]

قال تعالى: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الحجر: ٨٨]. أمر بخفض الجناح، ومن لوازمه الطلاقة المخالفة لمصاعرة الخد. وقال تعالى: ﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ [آل عمران: ١٥٩]. حذَّر من العبوسة وبيان ثمرتها وهي المعاداة والنفرة والمباعدة؛ إذ منشأها الفظاظة وغلظ القلب.

وروينا من حديث عدي بن حاتم مرفوعًا: "اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم


= نهى اللَّه تعالى المؤمنين أن يتشبهوا بالذين حملوا الكتاب من قبلهم من اليهود والنصارى لما تطاول عليهم الأمد بدلوا كتاب اللَّه الذي بأيديهم واشتروا به ثمنا قليلا، ونبذوه وراء ظهورهم وأقبلوا على الآراء المختلفة والأقوال المؤتفكة، وقلدوا الرجال في دين اللَّه، واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون اللَّه، فعند ذلك قست قلوبهم، فلا يقبلون موعظة ولا تلين قلوبهم بوعد ولا وعيد. [تفسير ابن كثير (٤/ ٣١٠)].
(١) سورة الحديد (٢٧).
أي فما قاموا بما التزموه حق القيام، وهذا ذم لهم من وجهين: احدهما: الابتداع في دين اللَّه ما لم يأمر به اللَّه.
والثاني: في عدم قيامهم بما التزموه مما زعموا أنه قربة يقربهم إلى اللَّه ﷿. [تفسير ابن كثير (٤/ ٣١٥)].
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (١١٥٢) كتاب التهجد [١٩] باب ما يكره من ترك قيام الليل لمن كان يقومه، ومسلم في صحيحه [١٨٥ - (١١٥٩)] كتاب الصيام، [٣٥] باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به أو فوت به حقا، أو لم يفطر العيدين والتشريق، وبيان تفضيل صوم يوم وإفطار يوم، وأحمد في مسنده (٢/ ١٧٠)، وابن خزيمة في صحيحه (١١٢٩)، والمنذري في الترغيب والترهيب (١/ ٤٤٥)، والتبريزي في مشكاة المصابيح (١٢٣٤)، والقرطبي في تفسيره (١٦/ ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>