للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل في كراهة المدح في الوجه لمن خيف مفسده من إعجاب وغيره]

وجوازه لمن أمن ذلك في حقه.

روينا من حديث أبي موسى قال: سمع النبي رجلا يثنى على رجل ويطريه في المدحة قال: "أهلكتم أو قطعتم ظهر الرجل" متفق عليه (١).

والإطراء المبالغة في المدح.

وعن أبي بكر أن رجلًا ذكر عند النبي فأثنى عليه رجل خيرًا فقال النبي : "ويحك قطعت عنق صاحبك" يقوله مرارًا: "إن كان أحدكم مادحا لا محالة فليقل أحسب كذا وكذا، إن كان يرى أنه كذلك وحسيبه اللَّه، ولا يزكى على اللَّه أحدًا" (٢). متفق عليه.

وعن هشام بن الحارث عن المقداد أن رجلا جعل يمدح عثمان، فعمد المقداد فجثى على ركبته فجعل يحثو في وجهه الحصباء.

فقال عثمان: ما شأنك؟.

قال: إن رسول اللَّه قال: "إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب" (٣).

فهذه الأحاديث في النهي.

وجاء في الإباحة أحاديث كثيرة صحيحة.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه [٦٠٦٠] كتاب الأدب، [٥٤] باب ما يكره من التمادح، ومسلم في صحيحه [٦٧ - (٣٠٠١)] كتاب الزهد والرقائق، [١٤] باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط، وخيف منه فتنة على الممدوح. قال [النووي: في هذا الباب الأحاديث الواردة في النهي عن المدح وقد جاءت أحاديث كثيرة في الصحيحين بالمدح في الوجه، قال العلماء: وطريق الجمع بينها أن النهي محمول على المجازفة في المدح والزيادة في الأوصاف أو على من يخاف عليه فتنة من إعجاب ونحوه إذا سمع المدح، وأما من لا يخاف عليه ذلك لكمال تقواه ورسوخ عقله ومعرفته فلا نهى في مدحه في وجهه إذا لم يكن فيه مجازفة، بل إن كان يحصل بذلك مصلحة كنشطة للخبر والازدياد منه أو الدوام عليه أو الإقتداء به كان مستحبًا واللَّه أعلم. [النووي في شرح مسلم [١٨/ ٩٩] طبعة دار الكتب العلمية].
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه [٦٠٦١] كتاب الأدب، [٥٤] باب ما يكره من التمادح، ومسلم في صحيحه [٦٥ - (٣٠٠٠)] كتاب الزهد والرقائق، [١٤] باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط وخيف منه فتنة على الممدوح.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه [٦٩ - (٣٠٠٢)] كتاب الزهد والرقائق، [١٤] باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط وخيف منه فتنة على الممدوح، وأحمد في مسنده [٦/ ٥]، وأبو نعيم في حلية الأولياء [٤/ ٣٧٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>