للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مجلس في احتمال الأذى]

قال تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (١). وقال: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (٤٣)(٢). وقد سلف في المجلس قبله. وحاصله الترغيب على الاحتمال؛ فإن كظم الغيظ من صفات أهل الجنة، وأهله من المحسنين والباري يحبهم وهو من عزم الأمور (٣)، وكظم الغيظ أن يتجرعه فيمسك على ما في نفسه منه بالصبر ولا يظهر له أثر، من قولهم: كَظَمَ القربة إذا ملأها وشدَّها، وكَظَمَ البعير إذا لم يجتر.

وروينا من حديث أبي هريرة: "أن رجلا قال يا رسول اللَّه، إن لي قرابة أصِلَهُم ويقطعوني. . . " (٤) الحديث، وقد سلف بطوله وشرحه في صلة الأرحام، وقد أخبر فيه أنه يناله من الاحتمال والحلم عنهم ألم عظيم وهو شاق من الغيظ كاف؛ فإنه لن يزال معه من اللَّه ظهير عليهم وكفى به وناهيك.


(١) سورة آل عمران (١٣٤).
(٢) سورة الشورى (٤٣).
(٣) قوله تعالى: ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (٤٣)﴾ [الشورى: ٤٣] قال سعيد بن جبير: يعني لمن حق الأمور التي أمر اللَّه تعالى بها، أي لمن الأمور المشكورة والأفعال الحميدة التي عليها ثواب جزيل وثناء جميل. [ابن كثير في تفسيره (٤/ ١١٩)].
(٤) تقدم تخريجه من قبل في صلة الأرحام.

<<  <  ج: ص:  >  >>