للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجلس في كراهة تمني الموت بسبب ضُرّ نزل به ولا بأس لخوف الفتنة في الدين

روينا من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "لا يتمنى أحدكم الموت إما محسنًا فلعله يزداد، وإما مسيئًا فلعله يُستعتب" (١).

أخرجاه، السياق للبخاري.

ولمسلم: لا يتمنى أحدكم الموت، ولا يدع به من قبل أن يأتيه، إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله، وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلَّا خيرًا" (٢).

ففيه النهي عن تمني الموت والدعاء به، وإن من حكمه النهي حصول من لم ينزل به على أحد الحسنيين اللذين هما فائدة الحياة.

إما اكتساب وتدارك الفائت، وإما اجتناب سوء وبلاء.

وفي الثاني إن من حكمة النهي إندفاع آفة الموت إلى أن يأتيه وآفته أن العبد إذا مات انقطع عمله لفوات مزرعة الآخرة.

وفيه أن الجالب للتمني ليس إلا وهم ضرر في الحياة كألم بدني، أو قبض نفس أو خوف قلب أو اتلاف صبابة شوق أو غير ذلك.

وإنه لوهم فاسد، والمؤمن له من الإيمان ما يوجب أن يزيد عمره إلا خيرًا


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٥٦٧٣) كتاب المرض والطب، ١٩ - باب تمني المريض الموت.
ورقم (٧٢٣٥) كتاب التمني، ٦ - باب ما يكره من التمني. ومسلم في صحيحه [١٣ - (٢٦٨٢)] كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، ٤ - باب تمني كراهة الموت لضر نزل به. وأبو داود (٣١٠٩) كتاب الجنائز باب كراهية تمني الموت وابن ماجه في سننه (٤٢٦٥) وأحمد في مسنده (٣/ ١٠١)، وابن أبي شيبة في مصنفه (١٠/ ٤٣٧)، والمنذري في الترغيب والترهيب (٤/ ٢٥٧)، وعبد الرزاق في مصنفه (٢٠٦٣٦) والبيهقي في السنن الكبرى (٣/ ٢٧٧).
(٢) انظر التخريج قبل هذا. وقال النووي: فيه التصريح بكراهة تمني الموت لضر نزل به من مرض أو فاقة أو محنة من عدو أو نحو ذلك من مشاق الدنيا. فأما إذا خاف ضررًا في دينه أو فتنة فيه فلا كراهة فيه لمفهوم هذا الحديث وغيره. وقد فعل هذا الثاني خلائق من السلف عند خوف الفتنة في أديانهم وفيه أنه إن خاف ولم يصبر على حاله في بلواه بالمرض ونحوه فليقل: اللهم أحيني إن كانت الحياة خيرًا لي. . الخ. والأفضل الصبر والسكوت للقضاء. [النووي في شرح مسلم (١٧/ ٧). طبعة دار الكتب العلمية].

<<  <  ج: ص:  >  >>