للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مجلس في تحريم الكبر والإعجاب]

قال تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (٨٣)(١). وقال تعالى: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا﴾ (٢) أي يميله ويعرض عن الناس تكبرًا عليهم، والمرح: التبختر. وقال تعالى: ﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى﴾ (٣) إلى قوله: ﴿وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ﴾ [القصص: ٨١].

وروينا من حديث عبد اللَّه بن مسعود مرفوعًا: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر". فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبُه حسنًا ونعله حسنةً. قال: "إن اللَّه جميل يحب الجمال (٤)، الكبر بَطَرُ الحق وغَمْطُ الناس" أخرجه مسلم (٥).

بَطَرُ الحق: دفعه ورده على قائله. وغَمْطُ الناس: احتقارهم.


(١) سورة القصص (٨٣).
يخبر تعالى أن الدار الآخرة ونعيمها المقيم الذي لا يحول ولا يزول جعلها لعباده المؤمنين المتواضعين الذين لا يريدون علوًا في الأرض، أي ترفعًا على خلق اللَّه وتعظمًا عليهم وتجبرًا بهم ولا فسادا فيهم، كما قال عكرمة: العلو التجبر. وقال سعيد جبير: العلو البغي، وقال سفيان بن سعيد الثوري، عن منصور، عن مسلم البطين: العلو في الأرض التكبر بغير حق، والفساد أخذ المال بغير حق. [تفسير ابن كثير (٣/ ٤١٦)].
(٢) سورة لقمان (١٨).
(٣) سورة القصص (٧٦).
(٤) قوله : "إن اللَّه جميل يحب الجمال": اختلفوا في معناه، فقيل: إن معناه أن كل أمره حسن جميل، وله الأسماء الحسنى، وصفات الجمال والكمال، وقيل: جميل بمعنى مجمل، ككريم وسميع بمعنى مكرم ومسمع.
قال الإمام أبو القاسم القشيري معناه جليل. وحكى الخطابي أنه بمعنى ذي النور والبهجة، أي مالكهما، وقيل: معنى جميل الأفعال لكم باللطف والنظر إليكم. . . إلى آخره. [النووي في شرح مسلم (٢/ ٧٨) طبعة دار الكتب العلمية].
(٥) أخرجه مسلم في صحيحه [١٤٧ - (٩١)] كتاب الإيمان، [٣٩] باب تحريم الكبر وبيانه، والترمذي في سننه (١٩٩٨، ١٩٩٩)، وأبو داود في سننه (٤٠٩١)، وابن ماجه في سننه (٥٩، ٤١٧٣)، والزبيدي في الإتحاف (٦/ ٤٩٨، ٨/ ١٩٢، ٣٤٨)، والسيوطي في الدر المنثور (٣/ ٧٩، ٤/ ١١٤)، والتبريزي في مشكاة المصابيح (٥١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>