للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مجلس في استحباب البشير والتهنئة بالخير]

قال تعالى: ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾ (١) وهذا وصف جليل، وهو الحرص على الخير استفادة وإجابة. وقال تعالى: ﴿يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (٢١)(٢). وفيها الترغيب بأنه مرتضى الرب تعالى، فليأنس به المتأدِّبون بالآداب والرحمة الدافعة للمضارّ، الجالبة للمسار والرضوان، الرَّافع للقدر المحصل لكل كرامة، والجنات الجامعة لكل خير ونعيم. وقال تعالى: ﴿وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ (٣) وفيها نجاز الموعود. وقال تعالى: ﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (١٠١)(٤) أي تقرُّ به العيون، وهذا من المسارّ العاجلة في الدنيا. وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى﴾ (٥) وفيه البشارة بالوسائط والرُّسل. وقال تعالى: ﴿فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ﴾ (٦) أي: فيكبر ويولد له، كما


(١) سورة الزمر (١٧، ١٨).
أي يفهمونه ويعملون بما فيه، كقوله لموسى. . حين آتاه التوراة: ﴿فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا﴾ [الأعراف: ١٤٥]. [تفسير ابن كثير (٤/ ٤٨)].
(٢) سورة التوبة (٢١).
(٣) سورة فصلت (٣٠).
﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ [فصلت: ٣٠] أي أخلصوا العمل للَّه وعملوا بطاعة اللَّه تعالى على ما شرع اللَّه لهم، ﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ [فصلت: ٣٠]، قال مجاهد والسري وزيد ابن أسلم وابنه: يعني عند الموت، قائلين: ﴿أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا﴾ على ما خلفتموه من أمر الدنيا من ولد وأهل ومال أو دين، فإنا نخلفكم فيه ﴿وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ [فصلت: ٣٠]، فيبشرونهم بذهاب الشر وحصول الخير. [تفسير ابن كثير (٤/ ٩٩)].
(٤) سورة الصافات (١٠١).
(٥) سورة العنكبوت (٣١).
(٦) سورة الصافات (١١٢).
ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الذبيح هو إسحاق، وحكي ذلك عن طائفة من السلف حتى نقل عن بعض الصحابة أيضا، وليس ذلك في كتاب ولا سنة، وما أظن ذلك تلقي إلا عن أحبار أهل الكتاب، وأخذ ذلك مسلما من غير حجة، وهذا كتاب اللَّه شاهد ومرشد إلى أنه إسماعيل، فإنه ذكر البشارة بغلام حليم، وذكر أنه الذبيح، ثم قال بعد ذلك: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٢)﴾ [الصافات: ١١٢]، ولما بشرت الملائكة إبراهيم بإسحاق قالوا: ﴿إِنَّا نُبَشِّرُكَ =

<<  <  ج: ص:  >  >>