للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مجلس في الصدقة والإيثار والمواساة]

قال اللَّه تعالى: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ (١) وهو لائح من مدح الإيثارة وأهله.

وقال تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (٨)(٢) وهو محتمل لما ترجمنا به وللجود أيضًا وهذه صفة عباد اللَّه الذين يشربون من كافور، ومن توقى شر ذلك اليوم يلقى نضرة وسرورًا، وما أعظمه من وصف.

وروينا في صحيح مسلم من حديث أبي أمامة مرفوعًا: "يا ابن آدم إنك أن تبذل الفضل خير لك، وأن تمسكه شرٌّ لك، ولا تلام على كفاف، وابدأ بمن تعول، واليد العليا خير من اليد السفلى" (٣).

وروينا في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال جاء رجل إلى رسول اللَّه فقال: إني مجهود، فأرسل إلى بعض نسائه فقالت: والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء، ثم أرسل إلى أخرى فقالت مثل ذلك حتى قلن كلهن مثل ذلك: لا، والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء.

فقال: "من يُضَيِّف هذا الليلة ".

فقام رجل من الأنصار فقال: أنا يا رسول اللَّه، فانطلق به إلى رحلة، فقال لامرأته هل عندك شيء؟ قالت: لا، إلا قوت صبياني. (٤).


(١) سورة الحشر [٩].
(٢) سورة الإنسان [٨].
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه [٩٧ - (١٠٣٦)] كتاب الزكاة، [٣٢] باب بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى وأن اليد العليا هي المنفقة وأن السفلى هي الآخذة. والترمذي في سننه [٢٣٤٣] كتاب الزهد، [٣٢] باب منه. ما جاء في الزهادة في الدنيا. والبيهقي في السنن الكبرى [٤/ ١٨٢]، المنذري في الترغيب والترهيب [١/ ٥٩٠، ٢/ ٤٩]، والسيوطي في الدر المنثور [١/ ٢٥٤].
(٤) هذا محمول على أن الصبيان لم يكونوا محتاجين إلى الأكل وإنما تطلبه أنفسهم على عادة الصبيان من غير جوع يضرهم فإنهم لو كانوا على حاجة بحيث يضرهم ترك الأكل لكان إطعامهم واجبًا ويجب تقديمه على الضيافة، وقد أثنى اللَّه ورسوله على هذا الرجل وامرأته فدل على أنهما لم يتركا واجبًا بل أحسنا وأجملا . [النووي في شرح مسلم [١٤/ ١٢] طبعة دار الكتب العلمية].

<<  <  ج: ص:  >  >>