للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

داخل داره: ما في المشرق والمغرب في هذا الوقت وليٌّ للَّه حنفي سواه.

[فصل]

ووقع لهم أيضا انفجار الماء كما وقع لأبي تراب النخشبي (١) فيما رواه الأستاذ في رسالته أن بعض أصحابه قال له بطريق مكة: أنا عطشان، فضرب برجله الأرض، فإذا عين ماء زلالي، فقيل له: إنا نحب أن نشربه في قدح، فضرب بيده الأرض وناوله قدحا من زجاج أبيض، فما زال معنا.

وجاء السيد أبو عبد اللَّه القرشي (٢) إلى بئر من آبار منى بركوته وهو عطشان، فرمى بركوته وضرب بيده فأخذها، فوجدها في بركة ماء حلو، فاستقى وأسقى، وأعلم أصحابه فلم يجدوا لها أثرا.

وركز بعض الفقهاء عكازه، فنبع الماء (٣) من تحتها وملئ.

[فصل]

ووقع لهم أيضا كلام الجمادات والحيوانات لهم.

من ذلك الحكاية المشهورة عن محمد بن المبارك الصوري في مخاطبة شجرة الرمان


= أول من دون علم هذه الشريعة لم يسبقه أحد قبله؛ لأن الصحابة والتابعين لم يضعوا في علم الشريعة أبوابا مبوبة، وكتبا مرتبة، وإنما كانوا يعتمدون على فهمهم، وكانت قلوبهم صناديق علومهم، ونشأ أبو حنيفة بعدهم فرأى العلم منتشرا فخاف عليه من ضياعه بعدهم، فدونه أبو حنيفة أبوابا مبوبة وكتبا مرتبة، فهو أول واضع لدستور أساسي مبني على الأدلة الشرعية، وكان يسمح لكل من أصحابه أن يجتهد بحرية مطلقة، ويظهر رأيه، ويبحث بكل دقة وإمعان، فإن اتفقوا على حكم فذلك وإلا كان موكولا إلى رأيه.
(١) من كلامه : لا ينبغي لفقير قط أن يضيف إلى نفسه شيئا من المال قط، ألا ترى إلى موسى حيث قال: ﴿هِيَ عَصَايَ﴾ [طه: ١٨]، وادعى الملك لها قال اللَّه ﷿: ﴿أَلْقِ عَصَاكَ﴾ فلما قلب العين فيها لجأ وهرب، فقيل أرجع ولا تخف. وكان يقول رأيت رجلا بالبادية فقلت له من أنت؟ فقال: أنا الخضر الموكل بالأولياء، أرد قلوبهم إذا شودت عن اللَّه ﷿. يا أبا تراب التلف في أول قدم، والنجاة في آخر قدم. [الطبقات الكبرى للشعراني (١/ ٧١)].
(٢) كان أبو عبد اللَّه القرشي جليل القدر، وكان يعظم الفقراء أشد التعظيم، ويقول إنهم انتسبوا إلى اللَّه تعالى، وكان يقول: ما رأبنا أحدا قط أنكر على الفقراء وأساء بهم الظن إلا ومات على أسوأ حالة، وكان يقول: احتقار الفقراء سبب لارتكاب الرذائل، وكان يقول: من غص من عارف باللَّه أو ولي ضرب في قلبه ولا يموت حتى يفسد معتقده.
(٣) أحاديث نبع الماء من بين أصابع النبي تقدم تخريجها من قبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>