للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لإبراهيم بن أدهم (١) في طريق بيت المقدس، وقولها له: يا أبا إسحاق أكرمنا بأن تأكل منا، قالت ذلك ثلاثًا، وكانت شجرة قصيرة، ورمانها حامضا، وتحمل في السنة مرة، فلما أكل منها صارت طويلة، ورمانها حلوا، وتحمل في السنة مرتين، فسموها رمانة العابدين لإيوائهم إلى ظلها.

وقال الشبلي (٢): عقدت أن لا آكل إلا من الحلال، فكنت أدور في البراري، فرأيت شجرة تين، فمددت يدي إليها لآكل، فنادتني الشجرة: احفظ عليك عقدك، ولا تأكل مني، فإني ليهودي.

وقال أبو عبد اللَّه القرشي (٣) بينما أنا أسير على بعض السواحل إذ خاطبني حشيشة، أنا شفاء هذا المرض الذي بك، فلم أتناول منها ولم أستعملها.

وعن بعضهم أنه قال: كلمني جمل بالطريق، طريق مكة، رأيت الجمال والمحامل عليها، وقد مدت أعناقها ليلا. فقلت: سبحان اللَّه، من يحمل عنها ما هي فيه؟ فالتفت إليَّ جمل فقال لي: قل جل اللَّه، فقلت: جل اللَّه.

وعن بعضهم أنه كان يضرب رأس حمار تحته، فرفع الحمار رأسه وقال: اضرب أو لا تضرب، إنما تضرب على رأسك.

وشاهد ذلك الحديث الصحيح بكلام البقرة (٤) التي كلمت صاحبها، وقالت:


(١) إبراهيم بن أدهم بن منصور بن يزيد بن حابر، أبو إسحاق العجلي، وقيل التيمي البلخي الزاهد، أحد الأعلام، قال يونس بن سليمان البلخي: كان إبراهيم بن أدهم من الأشراف، وكان أبوه شريفا كثير المال والخدم والجنائب والبزاة، بينما إبراهيم يأخذ كلابه وبزاته للصيد وهو على فرسه يركضه إذ هو بصوت من فوقه: يا إبراهيم ما هذا العبث؟ ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا﴾ اتق اللَّه وعليك بالزاد ليوم الفاقة، قال: فنزل عن دابته ورفض الدنيا. [تاريخ الإسلام، وفيات (١٦١١ - ١٧٠)].
(٢) الشبلي هو أبو بكر بن جحدر، ومكتوب على قبره جعفر بن يونس، خراساني الأصل، بغدادي المولد، وصحب أبا القاسم الجنيد ومن عاصره من المشايخ، وصار أوحد الوقت علما وحالا وظرفا، وتفقه على مذهب الإمام مالك، وكتب الحديث الكثير، عاش سبعا وثمانين سنة، ومات سنة (٣٣٤)، ودفن ببغداد في ممّبرة الخيزران، وتبره فيها ظاهر، وكانت مجاهداته في بدايته فوق الحد.
(٣) كان يقول: الزم العبودية وآدابها، ولا تطلب بها الوصول إليه، فإنه إذا أرادك له أوصلك إليه، وأي عمل خلص حتى تطلب به الوصول؟ وكان يقول: أبت البشرية أن تتوجه إلى اللَّه تعالى إلا في الشدائد، نقيل له في ذلك، قال: عطشت مرة في طريق الحاج فقلت لخادمي: اغرف لي من البحر المالح، فغرف لي ماء حلوا، فلما ذهبت الضرورة غرفت فإذا هو مالح. [لطبقات الكبرى للشعراني (١/ ١٣٨)].
(٤) رواه: البخاري في صحيحه (٣٤٧١) كتاب أحاديث الأنبياء، [٥٦] باب يلي باب حديث الغار، =

<<  <  ج: ص:  >  >>