للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجلس في قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ (١) الآية

المراد بهم أبو سفيان وأصحابه، إن ينتهوا عن الشرك وقتال سيد الآولين والآخرين، ﴿يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنفال: ٣٨] مما مضى من ذنوبهم قبل الإسلام.

﴿وَإِنْ يَعُودُوا﴾ لقتال محمد ﴿فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الأنفال: ٣٨] في نصرة الأنبياء والأولياء على أهل الكفر والأعداء مثل يوم بدر.

قال يحيى بن معاذ الرازي: إني لأرجو أن لا نؤاخذ، ومن يعجز عن هدم ما قبله من كفر (٢) لا يعجز عن هدم ما بعده من ذنب.

ولأبي سعيد أحمد بن محمد الزبيري:

يستوجب العفو الغبي إذا اعترف … ثم انتهى عما أتاه واقترف

لقوله: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾.

وفي الحديث الصحيح: "أما علمت أن الإسلام يهدم ما قبله وأن التوبة تجب ما قبلها؟ " (٣).

أي تقطع؛ فالتوبة أول منازل السائرين، ورأس مال السالكين.

وقد أسلفناها واضحة في المجلس الثاني فليتأمل.


(١) سورة الأنفال (٣٨).
أي عما هم فيه من الكفر والمشاقة والعناد، ويدخلوا في الإسلام والطاعة والإنابة، يغفر لهم ما قد سلف، أي من كفرهم وذنوبهم وخطاياهم ﴿وَإِنْ يَعُودُوا﴾ أي يستمروا على ما هم فيه ﴿فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الأنفال: ٣٨] أي فقد مضت سنتنا في الأولين: أنهم إذا كذبوا واستمروا على عنادهم أنا نعالجهم بالعذاب والعقوبة. [تفسير ابن كثير (٢/ ٣١٥)].
(٢) الحديث الصحيح: "الإسلام يهدم ما قبله": فيه أحكام: منها: عِظَم موقع الإسلام والهجرة والحج، وأن كل واحد منها يهدم ما كان قبله من المعاصي، وسيأتي تخريجه عقب هذا.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه [١٩٢ - (١٢١)] كتاب الإيمان، [٥٤] باب كون الإسلام يهدم ما قبله، وكذا الهجرة والحج، وأحمد في مسنده (٤/ ١٩٩)، والبيهقي في السنن الكبرى (٩/ ١٢٣)، وفي دلائل النبوة للبيهقي (٤/ ٣٤٨)، وابن خزيمة في صحيحه (٢٥١٥)، والسيوطي في الدر المنثور (١/ ٢١٠)، وأبو عوانة في مسنده (١/ ٧٠)، والهيثمي في مجمع الزوائد (٩/ ٣٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>