سلف فأعطاه عن الخبز عشرة أقفز حنطة، وعن اللحم مائة، وعن الدرهمين عشرين درهما.
وقال هذا لك ولعيالك ما دمت حيا في كل شهر كرامة لهذا اليوم.
فذهب الفقير إلى منزله، فلما كان الليل ونام القاضي سمع هاتفًا: ارفع رأسك، فرفع رأسه فأبصر قصرًا مبنيا بلبنة من فضة ولبنة من ذهب، وقصرًا من ياقوته يبين ظاهره من باطنه.
فقال: إلهي ما هذان؟ فقيل له: هذان كانا لك لو قضيت حاجة الفقير، فلما رددته صارا لفلان النصراني.
فانتبه مرعوبا ينادي بالويل فغدا على النصراني.
فقال له: ما الذي فعلت البارحة من الخير؟
قال: وكيف ذلك؟
فذكر له الرؤيا، ثم قال: بعني الجميل الذي فعلته مع الفقير بمائة ألف درهم.
فقال: لا أبيع ذلك بملئ الأرض ذهبًا.
ثم قال ما أحسن معاملة هذا الرب أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأشهد أن محمدًا رسول اللَّه، وإن دينه هو الحق.
لا يلحقنَّك ضجرة من سائل … فدوام عزك أن تُرَى مسئولًا
لا تصرفنَّ بالرد وجه مؤمل … فلخير يومك أن ترى مأمولًا
واعلم بأنك عن قليل صائر … خيرًا فكن خيرًا يروى جميلًا
يلقى الكريم فيستدل ببشره … وترى العبوس على اللئيم ذليلًا
وما أحسن قول ذلك السائل وقد وقف على جمع ﵀: من جاد من يسره، أو آثر من قلة أو واسا من كفاف؟ فقالوا: لم يترك لأحد منا عذرًا.