للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال: تريد أن تمحو اسمي من ديوان الفقراء بذلك.

لا أفعل ذلك.

ولست بمال إلى جانب الغنى … إذا كانت العلياء في جانب الفقر

وعنه أيضًا طلب أبناء الدنيا الراحة في الدنيا فأُعطوا ولو علموا أن الملك ما نحن فيه لقاتلونا عليه بالسيوف.

وعن ذي النون (١) قال: الزهاد ملوك الآخرة، وهم فقراء العارفين.

وعن إبراهيم بن أدهم أنه قال لرجل: أتحب أن تكون وليًا؟

قال: نعم، قال: لا ترغب في شيء من الدنيا والآخرة، وفرغ نفسك للَّه، وأقبل بوجهك عليه، ليقبل عليك ويواليك.

وقد صح: ازهد في الدنيا يحبك اللَّه وازهد فيما بين أيدي الناس يحبك الناس" (٢).

وعن أبي يزيد البسطامي أنه قال: إن للَّه عبادًا لو حجبهم في الجنة من رؤيته لاستغاثوا من الجنة، كما يستغيث أهل النار من النار.

قلت: وسيدنا عليه أفضل الصلاة والسلام قد جمع له بين الحالين: الفقر والغنى، وهو سيد الزهاد.

وجمع الصحابة المال كعبد الرحمن بن عوف (٣) ليس للمباهاة كما نبه عليه


(١) اسمه ثوبان بن إبراهيم، وكان أبوه نوبيا وكان رجلا نحيفا تعلوه حمرة وليس بأبيض اللحية ومن كلامه: إياك أن تكون للمعرفة مدعيًا أو بالزهد محترفا أو بالعبادة متعلقا وفر من كل شيء إلى ربك، وتذاكر الفقراء عنده يوما في المحبة فقال لهم كفوا عن هذه المسألة لئلا تسمعها النفوس فتدعيها، وكان يقول من القلوب: قلب يستغفر قبل أن يذنب فيثاب قبل أن يطيع. توفي سنة (٢٤٥) انظر الطبقات الكبرى (١/ ٦٠).
(٢) أخرجه ابن ماجه في سننه (٤١٠٢) كتاب الزهد، ١ - باب الزهد في الدنيا وقال في الزوائد: في إسناده خالد بن عمرو، وهو ضعيف متفق على ضعفه، واتهم بالوضع، وأورد له العقيلي هذا الحديث وقال: ليس له أصل من حديث الثوري، لكن قال النووي عقب هذا الحديث رواه ابن ماجه وغيره بأسانيد حسنة وأخرجه أيضا: والحاكم في المستدرك (٤/ ٣١٣) والطبراني في المعجم الكبير (٦/ ٣٧)، والتبريزي في مشكاة المصابيح (٥١٨٧)، والمنذري في الترغيب والترهيب (٤/ ١٥٦)، والزبيدي في الإتحاف (٨/ ٣٠٩).
(٣) قال عنه الذهبي: كان تاجرا سعيدا فتح عليه في التجارة وتمول، حتى باع مرة أرضا بأربعين ألف دينار فتصدق بها وحمل على خمسمائة فرعى في سبيل اللَّه، ثم على خمسمائة راحلة. تاريخ الإسلام وفيات (٣١ - ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>