للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلنا: يا رسول اللَّه فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟

قال: "لا، اقدروا له قدره".

قلنا: يا رسول اللَّه، وما إسراعه في الأرض؟

قال: "كالغيث استدبرته الريح، فيأتي على القوم فيدعوهم، فيؤمنون به ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنُبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذُرًا، وأسبغه ضروعًا، وأمده خواصر، ثم يأتي القوم، فيدعوهم فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم، ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النَّحل، ثم يدعو رجلًا ممتلئًا شبابًا، فيضربه بالسيف فيقطعه جَزلتين (١) رمية الغرض، ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك، فبينما هو كذلك إذ بعث اللَّه المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، بين مهرودتين (٢) واضعًا كفيه على أجنحة ملكين.

إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدَّر منه جُمان كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلَّا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه، فيطلبه حتى يدركه بباب لُدَّ، فيقتله.

ثم يأتي عيسى ابن مريم قوم قد عصمهم اللَّه منه فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة.

فبينما هو كذلك إذ أوحى اللَّه إلى عيسى: إني قد أخرجت عبادًا لي لا يدان لأحد بقتالهم، فحرز عبادي إلى الطور.

ويبعث اللَّه يأجوج ومأجوج، وهم من كل حدب ينسلون (٣)، فيمر أوائلهم على


= كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم قال: لا اقدروا له قدره، فقال القاضي وغيره: هذا حكم مخصوص بذلك اليوم شرعه لنا صاحب الشرع.
قالوا: ولولا هذا الحديث ووكلنا إلى اجتهادنا لاقتصرنا فيه على الصلوات الخمس عند الأوقات المعروفة في غيره من الأيام.
(١) جَزْلتَين: بفتح الجيم على المشهورة، وحكى ابن دريد كسرها أي قطعتين ومعنى رمية الغرض أنه يجعل بين الجزلتين مقدار رميته، وحكى القاضي هذا، ثم قال: وعندي أن فيه تقديمًا وتأخيرًا وتقديره فيصيبه إصابة رمية الغرض فيقطعه جزلتين، والصحيح الأول.
(٢) المهرودتان: روى بالدال المهملة، والذال المعجمة والمهملة أكثر، ومعناه لابس مهرودتين أي ثوبين مصبوغين بورس، ثم بزعفران، وقيل: هما شقتان والشقة نصف الملاءة.
(٣) قوله: ﴿وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٦] الحدب: النشز، وينسلون: يمشون مسرعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>