للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو دال على التنفير من هتك الأستار.

وروينا في الصحيحين أيضًا من حديثه مرفوعًا: "إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إن زنت فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إن زنت الثالثة فتبين زناها فليبعها ولو بحبل من شعر" (١) ففيه النهي عن التثريب وهو التوبيخ والتقبح والتعيير البليغ، والاستقصاء في اللوم.

وروينا في صحيح البخاري عنه أيضًا قال: "أُتي النبي برجل قد شرب قال: "اضربوه" قال أبو هريرة: فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله، والضارب بثوبه، فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاك اللَّه، قال: "لا تقولوا هكذا؛ لا تعينوا عليه الشيطان" (٢).

ففيه النهي عن شتم الآثم وإخزائه المعين للشيطان عليه، إذ يجد طريقًا إلى تبغيض المؤمنين له، وتبغيض مجالسهم ومجامعهم إليه، بل أن يروه أو يراهم، وربما جرَّه ذلك إلى صحبة الأشرار الفُجَّار، ويتعذر الفلاح حينئذ.

فمدار الأحاديث إذن على إمساك اللسان عن التلمظ بمضغة طال ما لفظها الكرام، وعن التعبير والإخزاء بها.


= في صحيحه [٥٢ - (٢٩٩٠)] كتاب الزهد والرقاق، [٨] باب النهي عن هتك الإنسان ستر نفسه، والطبراني في المعجم الصغير [١/ ٢٢٧]، والتبريزي في مشكاة المصابيح [٤٨٣٠]، والزبيدي في الإتحاف [٦/ ١٧٢، ٨/ ٥٧٢]، وابن عبد البر في التمهيد [٥/ ٣٣٩].
(١) أخرجه البخاري في صحيحه [٦٨٣٩] كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، [٢٣] باب لا يثرب على الأمة إذا زنت ولا تنفى، ومسلم في صحيحه [٣٠ - (١٧٠٣)] كتاب الحدود، [٦] باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى، وأبو داود [٤٧٠]، والترمذي [١٤٣٣]، وابن ماجه [٢٥٦٦] وأحمد في مسنده [٦/ ٦٥، ٢/ ٢٤٩]، والبيهقي في السنن الكبرى [٨/ ٢٤٤].
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه [٦٧٧٧] كتاب الحدود، [٥] باب الضرب بالجريد والنعال، ورقم [٦٧٨١] كتاب الحدود، [٦] باب ما يكره من لعن شارب الخمر وأنه ليس بخارج من الملة، وأبو داود في سننه [٤٤٧٧] كتاب الحدود، باب الحد في الخمر، وأحمد في مسنده [٢/ ٣٠٠]، والبيهقي في السنن الكبرى [٨/ ١٣٨]، والسيوطي في الدر المنثور [٤/ ٢٥٦]، والتبريزي في المشكاة [١٦٢١].

<<  <  ج: ص:  >  >>