للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروينا من حديث عبد اللَّه بن عمرو مرفوعًا: "قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه اللَّه بما آتاه" (١) أخرجه مسلم، وقد سلف فيما مضى.

وروينا من حديث حكيم بن حِزام قال: "سألت رسول اللَّه فأعطاني، ثم سألته فأعطاني ثم قال: "يا حكيم، إن هذا المال خضر حلو، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس (٢) لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى". قال حكيم: فقلت: يا رسول اللَّه، والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدا بعدك حتى أُفارق الدنيا. فكان أبو بكر يدعو حكيما ليعطيه العطاء فيأبى أن يقبل منه شيئًا، ثم إن عمر دعاه ليعطيه فأبى أن يقبله، فقال: يا معشر المسلمين، أُشهدكم على حكيم أني أعرض عليه حقه الذي قسمه اللَّه له في هذا الفيء فيأبى أن يأخذه. فلم يرزأ حكيم أحدًا من الناس بعد رسول اللَّه حتى توفي" (٣) أخرجاه. ويرزأ. براء ثم زاي ثم همزة: أي لم يأخذ من أحد شيئًا. وأصل الرزء النقصان، أي لم ينقص أحدا شيئًا بالأخذ منه. وإشراف النفس تطلُّعها وطمعها بالشيء، وسخاوة النفس هي عدم الإشراف إلى الشيء والطمع فيه والمبالاة فيه والشدة.


= (٢٣٧٣) في الزهد، باب ما جاء أن الغنى غنى النفس، وابن ماجه (٤١٣٧)، وأحمد بن حنبل في مسنده (٢/ ٢٤٣، ٢٦١)، وابن حبان في صحيحه (٢٥٢٠ - الموارد).
(١) أخرجه مسلم في صحيحه [١٢٥ - (١٠٥٤)] كتاب الزكاة، [٤٣] باب في الكفاف والقناعة، وأحمد بن حنبل في مسنده (٢/ ١٦٨، ١٧٣)، والبيهقي في السنن الكبرى (٤/ ١٩٦)، والتبريزي في مشكاة المصابيح (٥١٦٥)، والمنذري في الترغيب والترهيب (١/ ٥٨٩، ٤/ ١٦٩)، والسيوطي في الدر المنثور (١/ ٦٧، ٣٦١)، وأبو نعيم فى حلية الأولياء (٦/ ١٢٩)، والزبيدي إتحاف السادة المتقين (٨/ ١٥٩).
(٢) قوله : "فمن أخذها بطيب نفس بورك له فيه. . . . " قال النووي: قال العلماء: إشراف النفس تطلعها إليه وتعرضها له وطمعها فيه، وأما طيب النفس فذكر القاضي فيه احتمالين: أظهرهما: أنه عائد على الآخذ، ومعناه من أخذه بغير سؤال ولا إشراف وتطلع بورك له فيه، والثاني: أنه عائد إلى الدافع، ومعناه: من أخذه ممن يدفع منشرحا بدفعه إليه طيب النفس لا بسؤال اضطره إليه أو نحوه. [النووي في شرح مسلم (٧/ ١١٢، ١١٣) طبعة دار الكتب العلمية].
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (٣١٤٣) كتاب فرض الخمس، [١٩] باب ما كان النبي يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه، ورقم (٦٤٤١) كتاب الرقاق، [١١] باب قول النبي : "هذا المال خضرة حلوة"، ومسلم في صحيحه [٩٦ - (١٠٣٥)] كتاب الزكاة [٣٢] باب بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى وأن العليا هي المنفقة وأن السفلى هي الآخذة، والترمذي (٢٤٦٣) كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، وأحمد في مسنده (٣/ ٤٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>