للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتقدمت إليه، فالتفت واحد منهم، فداخلني الرعب حتى (بلت) (١)، فخرج القوم وخرجت، فقال لي واحد منهم دعه لعل اللَّه يجبره فيلحق بالقوم. قال: فسرت معهم، فكنت ونحن نسير في الجبال كأن الأرض والجبال تطوى، وللأرض دوي، ونرى الكنوز تظهر وتغيب إلى أن وصلنا إلى وادٍ كثير الشجر والنبات، وإذا بأقوام يصلون بواد نحوا من سبعين رجلًا، فبتنا فيه، فلما أصبحنا وطلعت الشمس قمنا فإذا نحن بمدينة عليها سور أسس من حجارة، قطعته واحدة، ونهر عظيم يدخل إليها وليس بالمدينة باب إلا من الموضع الذي يدخل منه الماء، وعليه شباك من ذهب.

فدخلنا إليها جميعا، ونحن مائة رجل فإذا فيها قباب من ذهب وتحتها عمد من ذهب وفضة، وفيها أنهار من ذهب يجري فيها الماء، وأشجار بين القباب مثمرة وأرضها مغروس بالريحان، وفيها طيور من كل نوع وثمار كثيرة. وزن كل تفاحة نحو خمسة أرطال بالبغدادي، وتلك الفاكهة (٢) تشبه فاكهة الدنيا طعما ولونا ورائحة، فأكلنا من التفاح وغيره.

وكان أحدنا يأكل في الوقت مائة ومائتين ولا يشبع من التفاح والسفرجل والرمان والكمثرى، ومن كل نوع من الثمار إلا النخل.

فأقمنا بها أربعين يوما ليس لنا فيها عمل إلا الصلاة والأكل، ولا نحتاج إلى وضوء ولا شرب ماء ولا نوم (٣).


= بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة"، وكذا رواه مسلم. وقال النووي: ذكروا في معناه قولين: أحدهما: أن ذلك الموضع بعينه ينقل إلى الجنة. والثاني: أن العبادة فيه تؤدي إلى الجن، قال الطبري في المراد ببيتي هنا قولان: أحدهما: القبر، قاله زيد أسلم كما رويَ مفسرا "بين قبري ومنبري" والثاني: المراد: بيت سكناه على ظاهره، وروي: "بين حجرتي ومنبري" قال الطبري: والقولان متفقان؛ لأن قبره في حجرته، وهي بيته. [النووي في شرح مسلم (٩/ ١٣٧) طبعة دار الكتب العلمية].
(١) هكذا بالأصل.
(٢) قال تعالى: ﴿وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢٢)﴾ [الطور: ٢٢].
وقال تعالى: ﴿وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢١)﴾ [الواقعة: ٢٠ - ٢١].
وقال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (٤١) وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٤٢)﴾ [المرسلات: ٤١ - ٤٢].
وقال تعالى: ﴿فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨)﴾ [الرحمن: ٦٨].
(٣) هذا في الآخرة، روى مسلم في صحيحه [٢٢ - (٢٨٣٧)] كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، [٨] باب في دوام نعيم أهل الجنة، عن أبي هريرة عن النبي قال: "ينادي مناد: إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا،. . . . " الحديث، وفي رقم [١٨ - (٢٨٣٥)]، [٧] باب في صفات الجنة وأهلها عن جابر مرفوعا: "عن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ولا يتفلون ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون".

<<  <  ج: ص:  >  >>