للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه أن المسبوق للعمل إذا ترك البدار إليه لا ينتظر إلَّا موانع وشواغل لاستدراك معها كما ذكر من الفقر إلى آخرها.

وروينا فيه محسَّنًا من حديث أبي بن كعب قال: كان رسول اللَّه إذا ذهب ثلث الليل قام فقال: "يا أيها الناس اذكروا اللَّه جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه".

قال أُبي: قلت يا رسول اللَّه إني أُكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ (١)

فقال: "ما شئت".

قال: قلت: الربع.

قال: "ما شئت، فإن زدت فهو خير لك".

قلت: النصف.

قال: "ما شئت، فإن زدت فهو خير لك".

قال: قلت: فالثلثين.

قال: "ما شئت، فإن زدت فهو خير لك" (٢).

قلت: اجعل لك صلاتي كلها.

قال: "إذًا تُكفى همَّك، ويغفر لك ذنبك" (٣).

وفى الحديث دلالة على أن الذاكر من أفضل الخلق وأعظم بأمر من يريد انفصالًا عنهم واتصالًا بهم وتجريدًا عن الملهيات، وتفريدًا لاهبات، ولا يعبر عن


(١) روى مسلم في صحيحه [٧٠ - (٤٠٨)] كتاب الصلاة، ١٧ - باب الصلاة على النبي بعد التشهد، عن أبي هريرة، أن رسول اللَّه قال: "من صلى على واحدة، صلى اللَّه عليه عشرا". قال القاضى: معناه رحمته وتضعيف أجره كقوله تعالى ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ قال: وقد يكون الصلاة على وجهها وظاهرها تشريفا له بين الملائكة، كما في الحديث، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه.
(٢) أخرجه والترمذي في سننه (٢٤٥٧) كتاب صفة القيامة والرقائق والورع وابن أبي شيبة في مصنفه (١/ ١٧٨)، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين (٥/ ٥١)، والتبريزي في مشكاة المصابيح (٩٢٩)، وابن كثير في تفسيره (٦/ ٤٥٦)، والهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/ ١٦٠)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٥١٣)، والمنذري في الترغيب والترهيب (٢/ ٥٠٠)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (١/ ٢٥٦)، والخطيب في الفقيه والمتفقه (١٧)، وذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (٩٥٤).
(٣) وأخرجه أيضا: وأحمد في مسنده (٥/ ١٣٦)، والطبراني في المعجم الكبير (٤/ ٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>