للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحباب وجعلت أُسلِّم على واحد واحد، ثم وليت وأنا أقول:

ما لي مررت على القبور مسلمًا … قبر الحبيب فلم يرد جوابي

يا قبر ما لك لا تجيب مناديًا … أمللت بعدي صُحبة الأحباب

فأجابني صوت

قل للحبيب وكيف لي بجوابكم … وأنا الرهين بجندل وتراب

أكل التراب محاسني فنسيتكم … وأحجبت عن أهلي وعن أحبابي

غيره

لياليك تفنى والذنوب كثيرة … وعمرك يبلى والزمان جديد

وتحسب أن النقص فيك زيادة … وأنت على النقصان حين تزيد

ووجد على باب مقبرة مكتوبًا:

سلام على أهل القبور (١) الدوارس … كأنهم لم يجلسوا في المجالس

ولم يشربوا من بارد الماء نهلة … ولم يطعموا من كل رطب ويابس

ولم يك منهم في الحياة منافس … طويل المُنا فيها كثير الوساوس

ألا ليت شعري أين قبر ذليلكم … وقبر العزيز الشامخ المتشاوس (٢)

لقد سكنوا في موحش التراب والثرى … فها هم بها ما بين راج وآيس

ولو عقل المرء المنافس في الذي … تركتم من الدنيا لم ينافس

خاتمة

عجَّ (٣) بالمعالم والربوع … وأسبل بِهنَّ عن الجموع

أين الذين عهدتم … يا دار في العز المنيع


= لأهلها، عن عائشة كان رسول اللَّه يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وآتاكم ما توعدون غدًا مؤجلون وإنا إن شاء اللَّه بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد".
(١) قوله "السلام عليكم دار قوم مؤمنين" دار مقصور على النداء أي يا أهل دار فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، وقيل: منصوب على الاختصاص.
قال صاحب المطالع: ويجوز جره على البدل من الضمير في عليكم، قال الخطابي: وفيه أن اسم الدار يقع على المقابر. [النووي في شرح مسلم (٧/ ٣٥) طبعة دار الكتب العلمية].
(٢) تشوش عليه الأمر: اختلط والتبس.
(٣) عجَّ: عجًّا وعجيجًا: رفع صوته وصاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>