للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومدار الحديثين على مهمين: الترغيب بمضمون تحريهم وصفهم في دفع المكاره عن الإخوان، وجلب المسار إليهم، وذكر أنواع ذلك وأهله ومحله، ففي الحديث الأول التهييج وإثارة الرحمة، وبيان الأهل والمحل بقوله: "المسلم أخو المسلم" (١).

وفيه الترغيب بان يدان المسلم كما دان، وبيان أنواع من الخير كالسعي في حوائج الإخوان، وبعد تفريج الكرب وستر المسلم، ففي التدريج رفع الألام والستر، ودفع الفضائح وإبقاء الرجاء للممات.

وفي الثاني تقديم التنفيس لأنه أهم في بعض الأشخاص أو بعض الأحوال إذ ضيق الحال لا قرار معه، وأردفه بالتيسير على المعسر؛ لأن الإعسار كربة، ثم أردفه بالستر والمعاونة، وهي السعي في الحاجات، ثم ختم ذلك بطلب العلم والاجتماع على التلاوة والتدارس، وهو أهم الحاجات.


(١) قال النووي في هذا الحديث: في هذا فضل إعانة المسلم وتفريج الكرب عنه وستر زلاته، ويدخل في كشف الكربة وتفريجها من أزالها بماله أو جاهه أو مساعدته، والظاهر أنه يدخل فيه من أزالها بإشارته ورأيه ودلالته، وأما الستر المندوب إليه هنا فالمراد به الستر على ذوي الهيئات ونحوهم ممن ليس هو معروفًا بالأذى والفساد، فأما المعروف بذلك فيستحب أن لا يستر عليه، بل ترفع قضية إلى ولي الأمر إن لم يخف من ذلك مفسدة؛ لأن الستر على هذا يطمعه في الإيذاء والفساد وانتهاك الحرمات وجسارة غيره على مثل فعله، هذا كله في ستر معصية وقعت وانقضت، أما معصية رآه عليها وهو بعد متلبى بها فتجب المبادرة بإنكارها عليه، ومنعه منها على من قدر على ذلك، ولا يحل تأخيرها.
"النووي في شرح مسلم [١٦/ ١١١] طبعة دار الكتب العلمية".

<<  <  ج: ص:  >  >>