للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّه بكم للاحقون، وأسأل اللَّه لنا ولكم العافية (١).

وفي جامع الترمذي محسنًا من حديث ابن عباس مرَّ رسول اللَّه بقبور بالمدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال: "السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر اللَّه لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر" (٢).

وفي هذه الأحاديث فعله للزيارة وتكريره وقصده لها في السَحَر الذي هو مظنة الرحمة والإجابة.

والسلام عليهم بوصف الإيمان، وبوصف القبور أخرى، والدعاء لهم بالعافية وبالمغفرة أخرى.

وقوله: "ونحن بالأثر".

هو يقين، ولذلك لم يذكر فيه الاستثناء (٣) الواقع في قوله: "وإنا إن شاء اللَّه بكم لاحقون" إذ ذاك يحمل البقعة أو للوفاة على الإيمان ولذلك ذكره أهل العقائد في استثناء الموت.

تناجيك أموات وهُنَّ سكوت … وسكانها تحت التراب خفوت


= عليه والترحم وفيه دليل لمن جوز للنساء زيارة القبور. [شرح مسلم للنووي (٧/ ٣٨) طبعة دار الكتب العلمية].
(١) أخرجه مسلم في صحيحه [١٠٤ - (٩٧٥)] كتاب الجنائز، ٣٥ - باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها. والنسائي في الجنائز، باب ١٠٢، وابن ماجه (١٥٤٧)، وأحمد في مسنده (٥/ ٣٥٣، ٣٦٠)، والبيهقي في السنن الكبرى (٤/ ٧٩)، والزبيدي في الإتحاف (٢/ ٢٦٦)، والتبريزي في مشكاة المصابيح (٧٦٤).
(٢) أخرجه والترمذي في سننه (١٠٥٣) كتاب الجنائز، باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر والدارمي في سننه (١/ ٣٧)، والطبراني في المعجم الكبير (١٢/ ١٠٨)، وعبد الرزاق في مصنفه (٦٧٢٠)، وابن المبارك في الزهد (١٧١) والزبيدي في الإتحاف (١٠/ ٣٦٤).
(٣) أما قوله "وإنا إن شاء اللَّه بكم لاحقون" فأتى بالاستثناء مع أن الموت لا شك فيه وللعلماء فيه أقوال: أظهرها أنه ليس للشك ولكنه قاله للترك وامتثال أمر اللَّه تعالى في قوله ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾، والثاني حكاه الخطابي وغيره أنه عادة للمتكلم يحسن به كلامه. والثالث: أن الاستثناء عائد إلى اللحوق في هذا المكان وقيل معناه إذ شاء اللَّه، وقيل: أقوال أخر ضعيفه جدًا تركتها لضعفها وعدم الحاجه إليها منها قول من قال الاستثناء منقطع راجع إلى استصحاب الإيمان، وقول من قال كان معه مؤمنون حقيقة وآخرون يظن بهم النفاق فعاد الاستثناء إليهم وهذان القولان وإن كانا مشهورين فيهما خطأ ظاهر واللَّه أعلم. [شرح مسلم للنووي (٣/ ١١٨) طبعة دار الكتب العلمية].

<<  <  ج: ص:  >  >>