للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: المعنى: وهل يُجازَى بالعقاب الآجل إلا الكفور (١).

قيل: كافر الدين، وقيل: كافر النعمة.

وقال تعالى: ﴿إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٤٨)(٢).

وهذا بيان للكفور، وإنه هذا ليس إلا.

وقال تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ (٣).

وهذا بيان للرحمة المنهي عن القنوط منها.

ووصفها أن من حالها، ومن شأنها إنها واسعة يبلغ كل شيء ما من مؤمن ولا كافر ولا مطيع ولا عاص إلا هو يتقلب في النعمة والرحمة.

وكيف يقنط من شيء من هذا شأنه.

وأما الأحاديث فنذكر منها ثمانية وعشرين حديثًا ومدارها على ذكر موجبات الرجاء من أسباب رحمة اللَّه الكريم، وعظم شأن رحمته وكثرة خيره.

وتكثير أسباب جل ذلك، خصوصًا وعزه كسبيًّا ووهبيًّا وفعليًّا، ومع بيان ما يحتاج إليه من موطن وشرط وفعل ومسهل ونحو ذلك.

الحديث الأول: حديث عبادة بن الصامت مرفوعًا (٤): "من شهد أن لا إله إلا


(١) ﴿وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ﴾ [سبأ: ١٧] قال مجاهد: ولا يعاقب إلّا الكفور، وقال الحسن البصري: صدق اللَّه العظيم لا يعاقب بمثل فعله إلّا الكفور، وقال طاوس لا يناقش إلّا الكفور، وروى ابن أبي حاتم بسنده عن ابن خيرة. وكان من أصحاب علي . قال: "جزاء المعصية الوهن في العبادة والضيق في المعيشة والتعسر في اللذة. قيل وما التعسر في اللذة؟ قال: لا يصادف لذة حالًا إلا جاءه من ينغصه إياها". [تفسير ابن كثير (٣/ ٥٥٠)].
(٢) سورة طه (٤٨).
أي قد أخبرنا اللَّه فيما أوحاه إلينا من الوحي المعصوم أن العذاب متمحض لمن كذب بآيات اللَّه وتولى عن طاعته كما قال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى (٣٧) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (٣٩)﴾، وقال تعالى: ﴿فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (١٤) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦)﴾ [الليل]، وقال تعالى: ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (٣١) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٣٢)﴾ [القيامة]. [تفسير ابن كثير (٣/ ١٥٩)].
(٣) سورة الأعراف (١٥٦).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه (٣٤٣٥) كتاب أحاديث الأنبياء، ٤٩ - باب قوله ﷿: ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ﴾ [النساء: ١٧١] الآيات، ومسلم في صحيحه [٤٦ - (٢٨)] كتاب الإيمان، ١٠ - باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا، وأحمد في مسنده (٥/ ٣١٣)، والمنذري في الترغيب والترهيب (٢/ ٤١٣)، والهيثمي في مجمع الزوائد (٦/ ١٧١)، والتبريزي في مشكاة المصابيح (٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>