للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كانوا مع المرض يسهرون، وأنتم مع الصحة تنامون.

كانوا على صحة الطريق يمشون، وأنتم لمسالك الغضب تسلكون.

السابعة عشرة: قال بعضهم رأيت في تيه بني إسرائيل (١) رجلًا قد أنحلته العبادة حتى صار كالشن البالي، فقلت له: ما الذي بلغ بك إلى هذه الحالة؟.

فنظر إليَّ متعجبًا من سؤالي وقال: يا هذا ثقل الأوزار وخوف النار، والحياء من الملك الجبار.

وأنشدوا:

لما ذكرت عذاب النار أزعجني … ذاك التذكر عن أهلي وأوطاني

وصرت في القفراء أرعى الوحش منفردًا … كما يُراعى على وجدي (٢) وأحزاني

وذا قليل لمثلي بعد جزائه … فما عصى اللَّه عبد مثل عصياني

نادوا عليّ وقولوا في مجالسكم … هذا المسيء وهذا المجرم الجاني

فما ارعويت ولا قصّرت عن زللي … ولا غسلت بماء الدمع أجفاني


(١) في قوله تعالى: ﴿فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ [المائدة: ٢٦] لما دعا عليهم موسى حين نكلوا عن الجهاد حكم اللَّه بتحريم دخولها عليهم قدر مدة أربعين سنة فوقعوا في التيه يسيرون دائمًا لا يهتدون للخروج منه، وفيه كانت أمور عجيبة وخوارق كثيرة من تظليلهم بالغمام وإنزال المن والسلوى عليهم. . . إلى آخره. [تفسير ابن كثير (٢/ ٤١)].
(٢) وَجَدَ فلان وجدًا: حزن، وتواجد فلان: تظاهر بالوجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>