للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بجمله زَمِنًا وعميا ومرضا، فسألتهم عن حالهم فقالوا: ههنا رجل يخرج في السنة مرة يدعو لهم فيجدون الشفاء.

فضرب له حتى خرج ودعا لهم، فشفوا، فتعلقت به، وقلت: علة باطنة فما دواؤها؟ قال يا سري خل عني، فإنه غيور، لا يراك تسكن إلى غيره فتسقط من عينه.

ومنها الحكاية المشهورة عن الزَّمْنَاء التي سألت بحرمة ضيفها أن تعافى منها، فقامت تمشي باقي الليل، فلما رآى أهلها ذلك طلبوا الضيف، وكان صبيا حمالا في السوق، بات عندهم، فلم يجدوه، والأبواب مغلقة.

ودعي سيدي عبد القادر إلى منزل تاجر، وقيل له: بحق جدك إلا ما حضرت، فقال: حتى يؤذن لي، ثم سكت ساعة، وقال: نعم، فحضر، فمد السماط ووضع في آخر سلة. ولم يأكل أحد، ثم أمر بإحضار السلة، وإذا فيها ولد الداعي أكمه (١) مقعد مجذوم مفلوج (٢) فقال له الشيخ: قم بإذن اللَّه معافى، فغدا لا عاهة به، فصاح الحاضرون، فخرج الشيخ ولم يأكل شيئا.

ووقع مثل ذلك في ميعاده، امتحنه به بعض الرافضة (٣) فعوفي، وماتوا ومات في ذلك المجلس ثلاثة، ومات في بعض مجالسه سبعة.

وجاء شخص إلى أحمد بن عجيل العارف، وفي يده سلعة (٤) فقال: ادع اللَّه أن يزيلها عني وإلا ما بقيت أحْسِن ظني بأحد، فقال: لا حول ولا قوة إلا باللَّه (٥)، ومسح على يده وربطها فزالت.


= تكلم في بغداد، وإليه ينتمي أكثر المشايخ ببغداد، ومن أقواله: خصلتان يبعدان العبد من اللَّه تعالى: أداء نافلة بتضييع فريضة، وعمل بالجوارح من غير صدق بالقلب، وكان ينشد كثيرا ويقول:
لا في النهار ولا في الليل لي فرح … فما أبالي أطال الليل أم قصرا
لأنني طول ليلي هائم دنف … وبالنهار أقاسي الهم والفكرا
(١) كَمِهَ الرجل كمها: عِميَ، فهو أكمه، وهي كمهاء.
(٢) الفالج: شلل يصيب حد شقي الجسم طولا، وفلج الرجل أي أصابه داء الفالج، فهو مفلوج.
(٣) الرافضة فرقة من الشيعة تجيز الطعن في الصحابة، سموا بذلك لأنهم رفضوا نصح زيد بن علي؛ حيث نهاهم عن الطعن في الشيخين أبي بكر وعمر، جمعها روافض.
(٤) السَلعة: زبادة تحدث في العنق وغيره من الجسد، تكون قدر الحمصة أو أكبر، جمعها: سلع.
(٥) رواه: البخاري في صحيحه (٦٣٨٤) كتاب الدعوات، [٥٢] باب الدعاء إذا علا عقبة، عن أبي موسى الأشعري أن النبي قال: قل لا حول ولا قوة إلا باللَّه، فإنها كنز من كنوز الجنة".

<<  <  ج: ص:  >  >>