للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ﴾ معناه: الدوام والثبات كما كان عليه، أو التهييج.

﴿أَذَاهُمْ﴾ أي لا تؤذهم بضرر أو قتل، وخذ بظاهرهم، وحسابهم على ربهم في باطنهم، أو دع ما يؤذونك به لا تحاربهم عليه حتى تؤمر.

وعن ابن عباس: هي منسوخة بآية السيف.

﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ فإنه كافيك، وكفى به مفوضا إليه.

وانظر كيف وصفه بخمسة أوصاف، وقابل كلا منها بخطاب مناسب له؛ قابل الشاهد بقوله: ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ لأنه يكون شاهدا على أمته وهم يكونون شهداء على سائر الأمم، وهو الفضل الكبير، والمبشر بالإعراض عن الكافرين والمنافقين؛ لأنه إذا أعرض عنهم أقبل جميع إقباله على المؤمنين، وهو مناسب البشارة والنذير بـ ﴿وَدَعْ أَذَاهُمْ﴾ (١).

لأنه إذا ترك في الحاضر والأذى لا بد له من عقاب عاجل أو آجل كانوا منذرين به في المستقبل، والداعي إلى اللَّه بتبشيره بقوله: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ [النساء: ٨١]؛ لأن من توكل عليه يسر عليه كل عسير.

والسراج المنير بالاكتفاء به وكيلا؛ لأن من أناره اللَّه برهان أعلى جميع خلقه، كان جديرا أن يكتفى به عن جميع خلقه.

فائدة: من أسمائه (٢): الشاهد كما سلف، وكذا الشهيد، والمبشر أيضا كما سلف، والنذير كما سلف أيضا، والداعي كما سلف، وهو أيضا دعوة إبراهيم وإسماعيل قال تعالى: ﴿وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا﴾ [البقرة: ١٢٩] الآية، فاستجاب لهما، والسراج المنير.

وصح أنه قال: "إن لي أسماء: أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي


(١) أي لا تطعهم وتسمع منهم في الذي يقولونه ﴿وَدَعْ أَذَاهُمْ﴾ أي اصفح وتجاوز عنهم وكِلْ أمرهم إلى اللَّه تعالى؛ فإن فيه كفاية لهم، ولهذا قال : ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ [النساء: ٨١].
(٢) قال النووي: ذكر هنا - أي في حديث مسلم عقب هذا: هذه الأسماء وله أسماء أخر ذكر أبو بكر بن العربي المالكي في كتابه "الأحوذي في شرح الترمذي" عن بعضهم أن للَّه تعالى ألف اسم، وللنبي ألف اسم أيضا، ثم ذكر منها على التفصيل بضعا وستين، قال أهل اللغة: يقال رجل محمد ومحمود إذا كثرت خصاله المحمودة، وقال ابن فارس وغيره: وبه سمي نبينا محمدًا وأحمد، أي ألهم اللَّه تعالى أهله أن سموه به لما علم من جميل صفاته. [النووى في شرح مسلم (١٥/ ٨٥) طبعة دار الكتب العلمية].

<<  <  ج: ص:  >  >>