قال النووي: اعلم أن مذهب أهل السنة أنه لا يثبت بالعقل ثواب ولا عقاب ولا إيجاب ولا تحريم ولا غيرهما من أنواع التكليف، ولا تثبت هذه كلها ولا غيرها إلا بالشرع، ومذهب أهل السنة أيضًا أن اللَّه -تعالى- لا يجب عليه شيء -تعالى اللَّه- بل العالم ملكه والدنيا والآخرة في سلطانه يفعل فيهما ما يشاء؛ فلو عذب المطيعين والصالحين أجمعين وأدخلهم النار كان عدلًا منه، وإذا أكرمهم ونعمهم وأدخلهم الجنة فهو فضل منه، ولو نعم الكافرين وأدخلهم الجنة كان له ذلك، ولكنه أخبر -وخبره صدق- أنه لا يفعل هذا، بل يغفر للمؤمنين ويدخلهم الجنة برحمته، ويعذب المنافقين ويخلدهم في النار عدلا منه، أما المعتزلة، فيثبتون الأحكام بالعقل ويوجبون ثواب الأعمال، ويوجبون الأصلح، ويمنعون خلاف هذا في خبط طويل لهم -تعالى اللَّه عن اختراعاتهم الباطلة المنابذة لنصوص الشرع- وفي ظاهر هذه الأحاديث دلالة لأهل الحق أنه لا يستحق أحد الثواب والجنة بطاعته. النووي في شرح مسلم [١٧/ ١٣١، ١٣٢] طبعة دار الكتب العلمية.