للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروينا في سنن أبي داود وغيره بإسناد حسن من حديث أبي هريرة أيضًا مرفوعًا: "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد للَّه فهو أقطع". (١)

فترك الابتدائية يفوت الجمال والنفع والتمام، فيصير أقطع عديم البركة.

وروينا في جامع الترمذي محسنًا من حديث أبي موسى مرفوعًا: "إذا مات ولد العبد قال اللَّه لملائكته. قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجعك، فيقول اللَّه: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة، وسموه بيت الحمد" (٢).

فمن مهمات محاله المعظمة لثوابه الحمد للَّه في المطايب ونزول النوائب.

وروينا في صحيح مسلم من حديث أنس مرفوعًا: "إن اللَّه ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها". (٣)

ومن مهمات الحمد في النعم الرضوان من اللَّه -تعالى- أكبر شيء.

نعوذ باللَّه من حرمانه.

فمدار هذه الأحاديث على بيان صفة الحمد وأهله، ومحاله وما يفوت بتركه وما ينجلب بفعله، كما أبدينا. (٤)

والحاصل أن محل الحمد حصول لكل ديني، وبدأة كل ذي بال، وختام كل مهم، وعقد كل محنة وبلية، وألم وثواب محبوب وكل محنة ونعمة ولذة وسرور، واندفاع ألم ومكروه، ألهمه اللَّه لنا على الدوام، وأيقظنا من سنة النَّوام.


(١) أخرجه أبو داود [٤٨٤٠] كتاب الأدب [٢١] باب الهدي في الكلام، والنسائي [٤٩٤] في عمل اليوم والليلة، وأحمد في مسنده [٢/ ٣٥٩]، وابن ماجه [١٨٩٤] في النكاح، [١٩] باب خطبة النكاح، والبيهقي في السنن الكبرى [٣/ ٢٠٨ - ٢٠٩].
(٢) أخرجه الترمذي [١٠٢١] كتاب الجنائز، باب فضل المصيبة إذا احتسبت، والتبريزي في مشكاة المصابيح [١٧٣٦]، وابن حبان في صحيحه [٧٢٦ - الموارد]، والمنذري في التركيب والترهيب [٤/ ٣٣٧]، وابن المبارك في الزهد [٢/ ٢٧]، والسيوطي في الدر المنثور [١/ ١٥٧].
(٣) أخرجه مسلم [٨٩ - (٢٧٣٤)] كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، [٢٤] باب استحباب حمد اللَّه تعالى بعد الأكل والشرب، والترمذي [١٨١٦] كتاب الأطعمة، ما جاء في الحمد على الطعام إذا فرغ منه، وأحمد في مسنده [٣/ ١٠٠ - ١١٧]، والمنذري في الترغيب والترهيب [٣/ ١٤٨]، والتبريزي في مشكاة المصابيح [٤١٠٠]، وابن السني [٤٨٠].
(٤) قال النووي في الحديث المتقدم: "وفيه استحباب حمد اللَّه -تعالى- عقب الأكل والشرب، وقد جاء في البخاري صفة التحميد الحمد للَّه حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا، وجاء غير ذلك، ولو اقتصر على الحمد للَّه حصل أصل السنة" النووي في شرح مسلم [١٧/ ٤٢] طبعة دار الكتب العلمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>