للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفيه أن حكمة المجاهدة متنوعة، فهي بسبب ذلك مفيدة لكل أحد ويحتاج إليها ولو كان كاملا، فقيام المغفور له تحقق العبودية وبالشكر يحصل المقام المحمود، وغيره من الشيم المرضية، فقيام الليل مظنة النيل، ولهذا حافظ عليها أكابر المقربين، وتفطَّرت فيها قدما سيد الأولين والآخرين.

الخامس: منها أيضًا: كان رسول اللَّه إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجدَّ وشدَّ المئزر" (١) متفق عليه.

والمراد العشر الأواخر من رمضان (٢).

والمئزر الإزار، وهو كناية عن اعتزال النساء، والتشمير للعبادة، وإنما فعل ذلك لأنه محل التعرض لنفحات الرحمة، فالمجاهدة اسم من غيره فيها إحسانه وجماله وتعظيمه.

السادس: عن أبي هريرة مرفوعًا: "المؤمن القوي خير وأحب إلى اللَّه من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن باللَّه ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل: قدر اللَّه وما شاء فعل (٣)


= بالليل حتى ترم قدماه، وفي رقم [٤٨٣٦] كتاب تفسير القرآن، [٢٥] باب قوله: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٢)﴾ [الفتح: ٢] وفي رقم [٦٤٧١] كتاب الرقاق، [٢٠] باب الصبر عن محارم اللَّه. ومسلم في صحيحه [٧٩ - (٢٨١٩)] كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، [١٨] باب إكثار الأعمال والاجتهاد في العبادة.
(١) أخرجه البخاري في صحيحه [٢٠٢٤] كتاب فضل ليلة القدر، [٥] باب العمل في العشر الأواخر من رمضان، ومسلم في صحيحه [٧ - (١١٧٤)] كتاب الاعتكاف، [٣] باب الاجتهاد في العشر الأواخر من شهر رمضان.
(٢) قال النووي: في هذا الحديث أنه يستحب أن يزاد من العبادات في العشر الأواخر من رمضان، واستحباب إحياء لياليه بالعبادات، وأما قول أصحابنا: يكره قيام الليل كله فمعناه الدوام عليه، ولم يقولوا بكراهة ليلة وليلتين والعشر. "النووي في شرح مسلم [٨/ ٥٨] طبعة دار الكتب العلمية".
(٣) قال النووي: قال القاضي عياض: قال بعض العلماء: هذا النهي إنما هو لمن قاله معتقدًا ذلك حتمًا، وأنه لو فعل ذلك لم تصبه قطعًا، فأما من رد ذلك إلى مشيئة اللَّه تعالى بأنه لن يصيبه إلا ما شاء اللَّه فليس من هذا، واستدل بقول أبي بكر الصديق في الغار: "لو أن أحدهم رفع رأسه لرآنا". قال القاضي: وهذا لا حجة فيه لأنه إنما أخبر عن مستقبل وليس فيه رد قدر بعد وقوعه، قال: وكذا جميع ما ذكره البخاري في باب ما يجوز من اللو كحديث "لولا حدثان عهد قومك بالكفر لأتممت البيت على قواعد إبراهيم، ولو كنت راجمًا بغير بينة لرجمت هذه. . . الخ" قال القاضي: فالذي عندي في معنى الحديث أن النهي على ظاهره وعمومه، لكنه نهي تنزيه. "النووي في شرح مسلم [١٦/ ١٧٦] طبعة دار الكتب العلمية".

<<  <  ج: ص:  >  >>