للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروينا في الصحيحين من حديث سهل بن سعد : "أنه قال لعلي يوم خيبر: "فواللَّه لأن يهدي اللَّه بك رجلًا واحدًا خير لك من حُمُر النعم" (١).

وأي ترغيب أعظم من هذا في الهداية والتعليم، فإن حُمُر النعم فيها من النفع والجمال لأربابها أنفس شيء وأعزه، فكيف أجرها بالصدقة ونحوها وفي الذي قبله ترغيب في الدعاء إلى الهدى، والتحذير من الدعاء إلى الضلالة بمثل أجر فاعل ذلك.

وروينا في صحيح مسلم من حديث أنس : "أن فتى من أسلم قال: يا رسول اللَّه إني أريد الغزو وليس معي ما أتجهز به، فقال: "ائت فلانًا فإنه قد كان تجهز فمرض" فأتاه فقال: إن رسول اللَّه يُقرئك السلام ويقول: أعطني الذي تجهزت به، قال: يا فلانة أعطيه الذي تجهزت به ولا تحبسي عنه شيئًا، فواللَّه لا تحبسي منه شيئًا فيبارك لك فيه" (٢) وهو ظاهر في الدلالة على الخيرات كالعالم والعابد والواعظ والمتصدق وغير ذلك من العقائد والنصائح.

ومدار هذه الأحاديث على الترغيب في الدلالة والدعاء والهداية بالقول البين بجزيل الأجر وبالفعل الجاذب إلى الاقتداء.


= والترمذي في سننه [٢٦٧٤]، وابن ماجه [٢٠٦]، وأحمد في مسنده [٢/ ٣٩٧]، والتبريزي في مشكاة المصابيح [١٥٨]، وذكره الألباني في السلسلة الصحيحة [٨٦٥].
(١) أخرجه البخاري في صحيحه [٣٧٠١] كتاب فضائل أصحاب النبي ، [٩] باب مناقب علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي أبي الحسن ، ومسلم في صحيحه [٣٤ - (٢٤٠٦)] كتاب فضائل الصحابة، [٤] باب من فضائل علي بن أبي طالب ، قال النووي: هي الإبل الحمر وهي أنفس أموال العرب، يضربون بها المثل في نفاسة الشيء، وأنه ليس هناك أعظم منه، وقد سبق أن تشبيه أمور الآخرة بأعراض الدنيا إنما هو للتقريب من الأفهام وإلا فذرة من الآخرة الباقية خير من الأرض بأسرها وأمثالها معها لو تصورت، وفي هذا بيان فضيلة العلم والدعاء إلى الهدى ومن السنن الحسنة. "النووي في شرح مسلم [١٥/ ١٤٥] طبعة دار الكتب العلمية".
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه [١٣٤ - (١٨٩٤)] كتاب الإمارة، [٣٨] باب فضل إعانة الغازي في سبيل اللَّه بمركوب وغيره، وخلافته في أهله بخير، قال النووي: فيه فضيلة الدلالة على الخير، وفيه أن ما نوى الإنسان صرفه في جهة بر فتعذرت عليه تلك الجهة يستحب له بذله في جهة أخرى من البر، ولا يلزمه ذلك ما لم يلتزمه بالنذر.

<<  <  ج: ص:  >  >>