للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأصبحت ولم أزل أتردد حتى رأيته في موضع يلتقط من الماء أوراقا مما يتساقط من غسل البقل فسلمت عليه فقال: لا تعود يا أبا القاسم.

قلت: لا، قال: غفر اللَّه لنا ولك.

الثانية: قال: ميمون بن سياه (١) تذاكروا عندي رجلا من السلاطين فوقعوا فيه، فلما انقلبت إلى أهلي رقدت إذا بجيفة منتنة، وإذا رجل على رأسي يقول: كل.

فقلت: يا أبا عبد اللَّه لما آكل؟ قال: لما اغتيب عندك فلان، قلت: ما ذكرت منه خيرًا ولا شرًا.

قال: لكنك سمعت ورضيت.

الثالثة: قال خالد الربعي: كنت في مسجد فتناولوا رجلا، وأعنتهم عليه، فرأيت تلك الليلة في المنام كان رجلا أتاني بطبق عليه قطعة من لحم الخنزير، فقال: كل.

قلت: لا آكل، قال: أكلت شرًا منه. ففك لحيي وأدخل فمي منه، فاستيقظت وأنا أجد طعمه في فمي. فمكثت أربعين يوما، وما ذهب نتنه من فمي.

الرابعة: قيل: أوحى اللَّه إلى موسى يا موسى من مات تائبًا من الغيبة (٢) فهو آخر من يدخل الجنة، ومن مات مصرًا على الغيبة فهو أول من يدخل النار.

الخامسة: قال مالك بن دينار إذا رأيت قساوة في قلبك ووهنا في بدنك وحرمانا في رزقك، فاعلم أنك تكلمت بما لا يعنيك.

السادسة: قال الثوري إني لأرمي رجلا بسهم أحب إلي من أن أرميه بلساني؛ لأن رمي اللسان لا يخطئ، ورمي السهم ربما يخطيء.

السابعة: قال بكر بن عبد اللَّه: إذا رأيتم الرجل موكلا بعيوب الناس ناسيا


(١) ميمون بن سياه، أبو بحرا البصري، صدوق عابد، يخطيء، أخرج له: البخاري والنسائي. ترجمته: تهذيب التهذيب [١٠/ ٣٨٨]، تقريب التهذيب [٢/ ٢٩١]، الكاشف [٣/ ١٩٢]، الجرح والتعديل [٨/ ١٠٥٢]، تاريخ البخاري الكبير [٧/ ٣٣٩]، ميزان الاعتدال [٤/ ٢٣٣]، لسان الميزان [٧/ ٤٠٦] المجروحين [٣/ ٦]، المغنى [٦٥٥٨]، حلية الأولياء [٣/ ١٠٦].
(٢) من أوجه الغيبة المباحة: إذا كان الإخبار عن العيب عند المشاورة، فإذا رأيت من يشتري شيئا معيبًا أو عبدًا سارقًا أو زانيًا أو ساربا أو نحو ذلك تذكره للمشتري إذا لم يعلمه نصيحة لا بقصد الإيذاء والإفساد. ومنها إذا رأيت مثقفًا يتردد إلى فاسق أو مبتدع يأخذ عنه علمًا وخفت عليه ضرره فعليك نصيحته ببيان حاله قاصدًا للنصيحة ومنها أن يكون له ولاية لا يقوم بها على وجهها لعدم أهليته أو لفسقه فيذكره لمن له عليه ولاية ليستدل به على حالة فلا يغتر به ويلزم الاستقامة.
[النووي في شرح مسلم [١٦/ ١١٧] طبعة دار الكتب العلمية].

<<  <  ج: ص:  >  >>