للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وها نحن ربي قد ظلمنا نفوسنا … وأنت الذي بالعفو أولى وبالكرم

وقال الثاني: اللهم إنك قد أمرتنا أن نعتق عبيدنا إذا شابوا في خدمتنا، وقد شبنا في خدمتك، فتفضل علينا بعتفنا:

إن الملوك إذا شابت عبيدهم … في رقهم عتقوهم عتق أبرار

فأنت أولى بذا يا سيدي كرمًا … قد شبت في رقك اعتقني من النار

وقال الثالث: اللهم إنك أمرتنا أن لا نرد المساكين إذا وقفوا ببابنا وها نحن مساكين قد وقفنا ببابك، فجد علينا بفضلك وإحسانك وعظيم امتنانك.

أتيناك نرجوا الفضل فامنن … علينا وجد يا ذا المكارم والعلا

فأنت الذي ترجى ويكثر فضله … إذا انسدت الأبواب وانقطع الرجا

السابعة: عن محمد بن الصباح قال: خرجنا نستسقي بالبصرة، فلما أصحرنا إذا نحن بسعدون المجنون قاعدًا على الطريق، فلما رآني قام وقال لي: إلى أين؟ قلت: نستسقي، قال: بقلوب سماوية أم بقلوب خاوية؟ قلت: سماوية، قال: اجلسوا ها هنا، فجلسنا حتى ارتفع النهار، وما تزداد السماء إلا صحوًا، ولا الشمس إلا حرًا، فنظر إلينا وقال: يا بطالون لو كانت قلوبكم سماوية لسقيتم، ثم توضأ وصلى ركعتين، ولحظ السماء بطرفه، وتكلم بكلام لم أفهمه، فواللَّه ما استتم كلامه حتى رعدت وبرقت ومطرت مطرًا جيدًا. (١)

فسألناه عن الكلام الذي تكلم به، فقال: إليكم عني، إنما هي قلوب حنَّت، فرنت، فعاينت، فعلمت، فعملت، وعلى ربها توكلت، ثم أنشأ يقول:

أعرض عن الهجران والتمادي … وارحل لمولى منعم جوادي

ما العيش إلا فى جوار قوم … قد شربوا من صافي الوداد


= ساد وعظم في القلوب، وزاد عزة وكرامة، والثاني: أن المراد أجره في الآخرة، وعزه هناك. النووي في شرح مسلم [١٦/ ١١٦] طبعة دار الكتب العلمية.
(١) أجمع العلماء على أن الاستسقاء سنة، واختلفوا هل تسن له صلاة أم لا؟ فقال أبو حنيفة: لا تسن له صلاة، بل يستقى بالدعاء بلا صلاة، وقال سائر العلماء من السلف والخلف، الصحابة والتابعون فمن بعدهم: تسن الصلاة، ولم يخالف فيه إلا أبو حنيفة، وتعلق بأحاديث الاستسقاء التي ليس فيها صلاة، واحتج الجمهور بالأحاديث الثابتة في الصحيحين وغيرهما أن رسول اللَّه صلى للاستسقاء ركعتين، وأما الأحاديث التي ليس فيها ذكر الصلاة فبعضها محمول على نسيان الراوي، وبعضها كان في خطبة الجمعة، وبتعقبه الصلاة للجمعة، فاكتفي بها، ولو لم يصل أصلًا كان بيانًا لجواز الاستسقاء بالدعاء بلا صلاة، ولا خلاف في جوازه، وتكون الأحاديث المثبتة للصلاة مقدمة، لأنها زيادة علم ولا معارضة بينهما. النووي في شرح مسلم [٦/ ١٦٥] طبعة دار الكتب العلمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>