للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ (١) أي أن تقطع.

وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ (٢).

قلت: ووعدهم بنحو ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ﴾ (٣).

وقال تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا﴾ (٤).

قلت: فأعظم به من موص لا ترد وصيته.

وقال تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾ (٥).

وفيه تكرير الوصية معقبًا بذكر ما يكلف الوالد للولد، وتحمل من أجله وبإيجاب الشكر للَّه تعالى لهما.

وروينا في الصحيحين (٦) من حديث عبد اللَّه بن مسعود سألت النبي : أي العمل أحب إلى اللَّه؟ قال: "الصلاة على وقتها".

قلت: ثم أي؟، قال: "بر الوالدين"، قلت: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل اللَّه".

ففيه أن بر الوالدين أفضل من الجهاد في سبيله وفضل الجهاد لا ينحصر، فما أعلاها من رتبة. وروينا في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: "لا يجزي ولد والدًا إلا أن يجده مملوكًا فيشتريه فيعتقه" (٧).

ففيه أن الأبوة منزلة لا يجزيها الولد إلا أن يخرج الأب من رتبة الرق إلى كمال الحرية، الوجود بعد العدم، إذ منافعه لغيره وتصرفه مسلوب فوجوده لغيره.

وروينا في الصحيحين من حديثه أيضًا مرفوعًا: "من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر،


(١) سورة النساء [١].
(٢) سورة الرعد [٢١].
(٣) سورة الرعد [٢٢].
(٤) سورة العنكبوت [٨].
(٥) سورة لقمان [١٤].
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه [٢٧٨٢] كتاب الجهاد والسير، [١] باب فضل الجهاد والسير، ومسلم في صحيحه [١٣٩ - (١٨٥)] كتاب الإيمان، [٣٦] باب بيان كون الإيمان باللَّه تعالى أفضل الأعمال. وأحمد في مسنده [١/ ٤١٠، ٤٣٩].
(٧) أخرجه مسلم في صحيحه [٢٥] كتاب العتق، باب فضل عتق الوالد، وأبو داود في سننه [٥١٣٧]، والترمذي [١٩٠٦] كتاب البر والصلة، باب ما جاء في حق الوالدين، وابن ماجه في سننه [٣٦٥٩] كتاب الأدب، باب بر الوالدين، وأحمد في مسنده [٢/ ٢٣٠]، والبيهقي في السنن الكبرى [١٠/ ٢٨٩]، والسيوطي في الدر المنثور [٤/ ١٧٢]، وابن أبي شيبة في مصنفه [٨/ ٣٥١].

<<  <  ج: ص:  >  >>