كتاب حدائق الأولياء

مجلس في حسن الخلق - ج: 1 - ص: 572

وروينا من حديث الصعب بن جَثَّامة قال: "أهديت إلى رسول اللَّه ﷺ حمارا وحشيًّا فردَّه عليَّ، فلما رأى ما في وجهي قال: "إنَّا لم نَرُدَّهُ عليك إلَّا أنا حُرُم"" (١) أخرجاه. وما أحسن هذا الاعتذار وألطفه.

وروينا من حديث النواس بن سمعان قال: "سألت رسول اللَّه ﷺ عن البر والإثم فقال: "البرُّ حُسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطَّلع عليه الناس" (٢) أخرجه مسلم. فبذل المعروف بطلاقة الوجه لا أهم منه بعد كفِّ الأذى وتلافيه.

وروينا من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص قال: "لم يكن رسول اللَّه ﷺ فاحشًا ولا مُتَفحِّشًا، وكان يقول: "إن من خياركم أحسنكم أخلاقًا" (٣) أخرجاه. وإنما لم يكن كذلك لأن اللَّه تعالى يبغض الفاحش البذيء كما سيأتي.

وروينا من حديث أبي الدرداء مرفوعًا: "ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن اللَّه يبغض الفاحش البذيء" (٤) أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح. والبذيء هو الذي يتكلم بالفحش ورديء الكلام، وفيه بيان رتبة الخُلق الحَسن وأنه أرجح من كل محبوب.

وروينا من حديث أبي هريرة: "سُئل رسول اللَّه ﷺ عن أكثر ما يُدخل الجنة، قال: "تقوى اللَّه وحُسن الخلق" وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار، فقال: "الفم

---

(١) أخرجه البخاري في صحيحه (١٨٢٥) كتاب جزاء الصيد، [٦] باب إذا أهدي للمحرم حمارًا وحشيًا حيا لم يقبل، ورقم (٢٥٧٣) كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، [٦] باب قبول الهدية، ورقم (٢٥٩٦) في الهبة وفضلها والتحريض عليها، [١٧] باب من لم يقبل الهدية لعلة، ومسلم في صحيحه [٥٠ - (١١٩٣)] كتاب الحج، [٨] باب تحريم الصيد للمحرم، وأحمد في مسنده (٤/ ٣٨)، ومالك في الموطأ (٣٥٣).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه [١٤ - (٢٥٥٣)] كتاب البر والصلة والآداب، [٥] باب تفسير البر والإثم، وكذا رقم (١٥) به، والترمذي في سننه (٢٣٨٩)، وأحمد في مسنده (٤/ ١٨٢)، والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ١٤٢)، والحاكم في المستدرك (٢/ ١٤) والطحاوي في مشكل الآثار (٣/ ٢٤)، والسيوطي في الدر المنثور (٢/ ٢٥٥) والتبريزي في مشكاة المصابيح (٥٠٧٣)، والعجلوني في كشف الخفا (١/ ٣٣٤).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (٣٥٥٩) كتاب المناقب، [٢٣] باب صفة النبي ﷺ، ورقم (٣٧٥٩) كتاب فضائل أصحاب النبي ﷺ، [٢٨] باب مناقب عبد اللَّه بن مسعود ﵄، ورقم (٦٠٢٩) كتاب الأدب، [٣٨] باب لم يكن النبي ﷺ فاحشًا ولا متفحشا، ورقم (٦٠٣٥) في الأدب، و [٣٩] باب حسن الخلق والسخاء وما يكره من البخل.
(٤) أخرجه الترمذي في سننه (٢٠٠٢) كتاب البر والصلة، باب ما جاء في حسن الخلق، وابن ماجه، وأحمد في مسنده (٦/ ٤٠)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (٥/ ٢٤٣)، والسيوطي في الدر المنثور (٢/ ٧٤)، والمنذري في الترغيب والترهيب (٣/ ٤٠٣)، والزبيدي في الإتحاف (٧/ ٣٢٣).