للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمير يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح إلَّا لم يدخل معهم الجنة" (١). وفيه تحذير كل راع من الغِشِّ وعدم النصيحة والجهد له وما أبلغه من تهديد.

وروينا من حديث عائشة قالت: سمعت رسول اللَّه يقول في بيتي: "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به" (٢) أخرجه مسلم. وفيه الدعاء على من شَقَّ عليهم بتشديد أو غيره والدعاء لمن رفق بهم، فليختر لنفسه ولي الأمر، واللَّه المستعان.

وروينا من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "كانت بنو إسرائيل تسُوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي وسيكون خلفاء فيكثرون". قالوا: فما تأمرنا؟ قال: "أوفوا ببيعة الأول ثم أعطوهم حقهم وسلوا اللَّه الذي لكم؛ فإن اللَّه سائلهم عما استرعاهم" (٣) أخرجاه. وفيه الحث على الشفقة والقيام بالحقوق كلها، إذ من سائله اللَّه لا بُدَّ وأن يجيب فإن خيرًا فخير وإن شرًّا فشرٌّ.

وروينا من حديث عائذ بن عمرو أنه دخل على عبيد اللَّه بن زياد فقال: أي بني، إني سمعت رسول اللَّه يقول: "إن شرَّ الرّعاء الحُطمة، فإياك أن تكون منهم" (٤) أخرجاه. وفيه التحذير من الإغلاظ والتشديد والغش والإيذاء وكل فساد (٥)، وفي تسميته بالحُطمة وأنه شرّ الرّعاء ما فيه كفاية.

وروينا من حديث أبي مريم الأزدي أنه قال لمعاوية: "سمعت رسول اللَّه يقول: "من ولَّاه اللَّه شيئًا من أمور المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلَّتهم وفقرهم احتجب اللَّه دون


(١) أخرجه مسلم في صحيحه [٢٢ - (١٤٢)] كتاب الإمارة، [٥] باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر، والحث على الرفق بالرعية، والنهي عن إدخال المشقة عليهم، والمنذري في الترغيب والترهيب (٣/ ١٧٦) والزبيدي في الإتحاف (٨/ ٣١٤).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه [١٩ - (١٨٢٨)] كتاب الإمارة [٥] باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر، والحث على الرفق بالرعية، والبيهقي في السنن الكبرى (٩/ ٤٣، ١٠/ ١٣٦).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (٣٤٥٥) كتاب أحاديث الأنبياء، [٥٢] باب ما ذكر عن بني إسرائيل، ومسلم في صحيحه [٤٤ - (١٨٤٢)] كتاب الإمارة، [١٠] باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول، والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ١٤٤)، والألباني في إرواء الغليل (٨/ ١٢٧)، وابن كثير في البداية والنهاية (٢/ ١٥٣، ٦/ ٢٢٤).
(٤) قوله : "إن شر الرعاء الحطمة" قالوا: هو العنيف في رعيته، لا يرفق بها في سوقها ومرعاها، بل يحطمها في ذلك، وفي سقيها وغيره، ويزحم بعضها ببعض بحيث يؤذيها ويحطمها. [النووي في شرح مسلم (١٢/ ١٨١) طبعة دار الكتب العلمية].
(٥) أخرجه مسلم في صحيحه [٢٣ - (١٨٣٠)] كتاب الإمارة، [٥] باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر، والحث على الرفق بالرعية، والنهي عن إدخال المشقة عليهم، والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ١٦١)، والتبريزي في مشكاة المصابيح (٣٦٨٨)، وابن كثير في البداية والنهاية (٨/ ٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>