للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روينا من حديث مجيبة الباهلية، عن أبيها أو عمها أنه أتى رسول اللَّه ، ثم انطلق فأتاه بعد سنة وقد تغيرت حالته وهيأته.

فقال: يا رسول اللَّه أما تعرفني؟

قال: "لا من أنت؟ ".

قال: أنا الباهلي الذي جئتك عام الأول.

قال: "فما غيَّرك وقد كنت حسن الهيئة"؟

قال: ما أكلت طعامًا إلَّا بليل منذ فارقتك.

فقال رسول اللَّه : "لِمَ عذَّبت نفسك"؟

ثم قال: "صُم شهر الصبر ويومًا من كل شهر" (١).

قال: زدني فإني بي قوة.

قال: "صم يومين".

قال: زدني.

قال: "صُم ثلاثة أيام" (٢).

قال: زدني، قال: "صم من الحُرم واترك، صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك".

وقال بأصابعه الثلاثة فضمها ثم أرسلها. (٣) رواه أبو داود.


(١) قال النووي في شرح مسلم: في هذه الأحاديث أنه يستحق أن لا يخلى شهرا من صيام، وفيها أن صوم النفل غير مختص بزمان معين بل كل السنة صالحة له إلا رمضان والعيد والتشريق وقال في حديث يشبه هذا وهو حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص: وحاصل الحديث بيان رفق رسول اللَّه بأمته، وشفقته عليهم وإرشادهم إلى مصالحهم، وحثهم على ما يطيقون الدوام عليه ونهيهم عن التعمق والإكثار من العبادات التي يخاف عليهم الملل بسببها أو تركها أو ترك بعضها، وقد بين "عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن اللَّه لا يمل حتى تملوا". [النووي في شرح مسلم (٨/ ٣٠، ٣٢) طبعة دار الكتب العلمية].
(٢) روى مسلم في صحيحه [١٩٤ - (١١٦٠)] كتاب الصيام، ٣٦ - باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس، عن عائشة: وفيه: أنها سئلت: أكان رسول اللَّه يصوم من كل شهر ثلاثة أيام؟ قالت: نعم، فقلت لها: من آي آيام الشهر كان يصوم؟ قالت: لم يكن يبالي من أي أيام الشهر يصوم.
(٣) أخرجه أبو داود في سننه (٢٤٢٨) كتاب الصوم، باب في صوم أشهر الحرم والبيهقي في السنن الكبرى (٤/ ٢٩١)، والشجري في أماليه (٢/ ٣١) وأحمد بن حنبل في مسنده (٥/ ٢٨)، والسيوطي في الدر المنثور (٣/ ٢٣٥)، وابن سعد في طبقاته (٧/ ٥٨)، وابن حجر في المطالب العالية (١٠٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>