للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية لهما "آنيتهم فيها الذهب، ورشحهم المسك، ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ ساقهما من وراء اللحم من الحسن، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم قلب واحد، يسبحون اللَّه بكرة وعشيًا" (١).

وروينا من حديث المغيرة مرفوعًا: "سأل موسى ربه ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ قال: رجل يجيء بعد ما أُدخل أهل الجنة الجنة، فيقال له: ادخل الجنة، فيقول: أي رب كيف، وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم؟ فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل مُلكِ ملْك من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت رب، فيقول: لك ذلك ومثله ومثله ومثله (٢) فقال في الخامسة: رضيت يا رب، فيقول هذا لك وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك، فيقول: رضيت يا رب، قال: رب فأعلاهم منزلة؟ قال: أولئك الذين أردت، غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها، فلم تر عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب بشر، قال: ومصداقه في كتاب اللَّه ﷿: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ الآية" أخرجه مسلم (٣).

وروينا من حديث ابن مسعود مرفوعًا: "إني لأعلم آخر أهل النار خروجًا منها، وآخر أهل الجنة دخولًا الجنة؛ رجل يخرج من النار حبوًا، فيقول اللَّه له: اذهب فادخل الجنة، فيأتيها، فيخيل إليه أنها ملأى، فيرجع فيقول: يا


= ماجه في سننه [٤٣٣٣]، والحاكم في المستدرك [٣/ ٢٢٨]، وابن المبارك في الزهد [٥٤٩].
(١) أخرجه البخاري في صحيحه [٣٢٤٥] كتاب بدء الخلق، [٨] باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، ومسلم في صحيحه [١٧ - (٢٨٣٤)] كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، [٧] باب في صفات الجنة وأهلها وتسبيحهم فيها بكرة وعشيًا، وقال النووي: مذهب أهل السنة وعامة المسلمين أن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ويتنعمون بذلك وبغيره من ملاذ وأنواع نعيمها تنعمًا دائمًا لا آخر له ولا انقطاع أبدًا. النووي في شرح مسلم [١٧/ ١٤٣] طبعة دار الكتب العلمية.
(٢) قال النووي: في رواية: "فيقول اللَّه - تعالى: أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها" وفي الرواية الأخرى "أترضى أن يكون لك مثل مُلك ملك من ملوك الدنيا، فيقول رضيت رب، فيقول: لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله ومثله، فقال في الخامسة: رضيت رب، فيقول: هذا لك وعشرة أمثاله"، قال النووي: المراد بالأولى أن يقال له أولًا: لك الدنيا ومثلها ثم يزاد على تمام عشرة أمثالها كما بينه في الرواية الأخيرة، وأما الأخيرة فالمراد بها أن أحد ملوك الدنيا لا ينتهي ملكه إلى جميع الأرض، بل يملك بعضًا منها، ثم منهم من يكثر البعض الذي يملكه، ومنهم من يقل بعضه فيعطي هذا الرجل مثل أحد ملوك الدنيا خمس مرات، وذلك كله قدر الدنيا كلها، ثم يقال: لك عشرة أمثال هذا فيعود معنى هذه الرواية إلى موافقة الروايات المتقدمة، وللَّه الحمد وهو أعلم. النووي في شرح مسلم [٣/ ٣٧] طبعة دار الكتب العلمية.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه [٣١٢ - (١٨٩)] كتاب الإيمان، [٨٤] باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>