للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورواية إسحاق بن راهويه أولى بالصواب؛ لحفظه وضبطه، ولتقدم سماعه من عبد الرزاق، بخلاف الدبري.

وقد وهم فيها معمر بقوله: "عن جده عمرو بن حزم"، ورواية الثوري هي المحفوظة؛ لم يجاوز بها أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، فإن الثوري أحفظ وأضبط لحديثه عن كل مشايخه، بخلاف معمر فإنه يضعف في بعض مشايخه مثل ثابت البناني وغيره.

فالحمل في هذه الرواية على معمر، فإنه دون الثوري في الحفظ والإتقان والضبط، والله أعلم.

وعلى هذا: فإن الوجه الأخير في الاختلاف على أبي بكر بن عمرو بن حزم:

٤ - هو ما رواه الثوري، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه أبي بكر بن عمرو بن حزم به مرسلًا. وتقدم.

وأما ما رواه أبو بكر الباغندي في مسند عمر بن عبد العزيز (٥٩)، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم [يعني: ابن سويد الرملي]: ثنا أيوب بن سليمان: حدثني أبو بكر، عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، قال: أخبرني عمر بن عبد العزيز، عن هذا الحديث سواء؛ إلا أنه قال في حديثه: قال جبريل عليه السلام: "هذه صلاتك؛ وصلاة الأنبياء قبلك".

فهذا فيما يظهر لي: مما تفرد به أبو بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، ولا أراه إلا من غرائبه؛ فإنه وإن كان حافظًا إمامًا في هذا الشأن؛ إلا أنه كثير الغرائب وله أشياء أنكرت عليه، وقال الدارقطني: "وهو كثير الخطأ" [انظر: الكامل (٦/ ٣٠٠)، سؤالات السلمي (٢٨٥)، سؤالات السهمي (٨٩ و ١٣٢)، تاريخ بغداد (٣/ ٢٠٩)، السير (١٤/ ٣٨٣)، الميزان (٤/ ٢٧)، اللسان (٧/ ٤٧٣)].

• وأما الوجه الصحيح في هذا الاختلاف، فالذي يظهر لي -والله أعلم-:

أن ما رواه أهل المدينة [سليمان بن بلال، ومحمد بن جعفر]، وغيرهم من الغرباء [زفر بن الهذيل]، عن يحيى بن سعيد الأنصاري المدني، عن أبي بكر بن حزم، عن أبي مسعود الأنصاري: محفوظ؛ لأن الحديث الذي اشتهر في بلده وخارجها أولى من غيره.

وأن ما رواه سفيان الثوري، عن يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن حزم مرسلًا: محفوظ أيضًا لمنزلة الثوري في الحفظ، والإتقان، والغاية في الضبط.

ويكون يحيى بن سعيد قد حدث به على الوجهين.

يؤيد ذلك: أن صالح بن كيسان قد تابع يحيى بن سعيد على الوجه الأول، وأن عبد الله بن أبي بكر قد تابع يحيى بن سعيد على الوجه الثاني، وكلهم مدنيون ثقات مشاهير.

وفي كلا الحالين؛ فإن الحديث: لا يصح؛ لأنه إما منقطع بين أبي بكر بن حزم، وأبي مسعود، كما صرح بذلك ابن حزم والبيهقي، وكذا هو في رواية صالح بن كيسان: بلاغ.

<<  <  ج: ص:  >  >>