للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومعلوم أن تصريح ابن حبان بتوثيق الراوي لا يقل عن توثيق غيره من الأئمة بل قال العلامة المعلمي في التنكيل (١/ ٤٣٧): "بل لعلها أثبت من توثيق كثير منهم".

لكن سئل أبو زرعة الرازي عن الربيع هذا فقال: "منكر الحديث، حدث عن الزهري بحديث منكر، روى عنه عبد ربه بن ميمون" [سؤالات البرذعي (٣٥٩)].

وهاتان القرينتان اللتان ذكرهما أبو زرعة الرازي في حكمه على الربيع هذا، تشير إلى أن حكمه على حديثه بالنكارة ليس حكمًا عامًّا مطلقًا على جميع حديثه، وإنما هو حكم خاص لأجل هذا الحديث المعين، والذي رواه عنه عبد ربه بن ميمون، ورواه الربيع عن الزهري فخالف فيه أصحاب الزهري، أو انفرد عنهم بما لا يتابع عليه، فهو إذًا حديث قد أخطأ فيه، والربيع هذا ليس من أصحاب الزهري، مع قلة روايته أيضًا، لذا حكم عليه أبو زرعة بهذا الحكم، واللَّه أعلم.

لكن يبدو أن ابن حبان قد سبر حديث الراوي واعتبره فوجده في غالبه: مستقيمًا، يوافق الثقات فيما يرويه، ولا ينفرد عنهم بما يوجب ضعفه، لذا صرح بقوله: "مستقيم الحديث جدًّا"، وإلا كان يكفيه أن يورده في عموم الثقات دون أن يتكلم عليه بشيء، كعادته في أغلب التراجم، أو يشير إلى شيء من أوهامه فيقول: "يخطئ" مثلًا، مشيرًا بذلك إلى أن الرجل ليس ثقة مطلقًا بل له أوهام وقع فيها.

ثم إن البخاري قد أورد الربيع هذا في تاريخه الكبير (٣/ ٢٧٨)، وكذلك ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٣/ ٤٥٩)، فلم يتكلما عليه بشيء من الجرح أو التعديل، مما يدل على أنهما لم يقفا على شيء من حديث الرجل مما يوجب توهينه وجرحه وإلا لما سكتا عنه، والله أعلم [وانظر: تاريخ الإسلام (٩/ ١٣٠)، الميزان (٢/ ٣٩)، المغني (١/ ٢٢٨)، اللسان (٣/ ٤٤٥)].

• والخلاصة: أن الربيع بن حظيان هذا يمكن أن يقال فيه: صدوق يخطئ، أو: صدوق له أوهام.

وقد أخرجه الدارقطني في الأفراد (١/ ٣٠٩/ ١٦٤٨ - أطرافه).

ثم قال: "غريب من حديث الربيع بن حظيان عن عطاء عنه [يعني: عن جابر]، تفرد به عبد ربه بن ميمون عن الربيع، ولم يروه عنه غير سليمان بن عبد الرحمن".

قلت: إسناده إلى عطاء: إسناد شامي جيد، ولم ينفرد الربيع بهذا الحديث، عن عطاء بن أبي رباح، بل توبع عليه كما ترى، فهي متابعة جيدة، والله أعلم.

فهذه طرق أربعة إلى عطاء بن أبي رباح، يشد بعضها بعضًا.

لكن رواه أيضًا: حجاج بن المنهال [بصري، ثقة فاضل، روى له الجماعة]، قال: ثنا همام [هو: ابن يحيى، البصري: ثقة ربما وهم، روى له الجماعة، وروايته عن عطاء بن أبي رباح في الصحيحين]، قال: سمعت عطاء بن أبي رباح، قال: حدثني رجل منهم: أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن مواقيت الصلاة؟ فأمره أن يشهد الصلاة معه، فصلى الصبح

<<  <  ج: ص:  >  >>