للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الطحاوي: "ولا نعلم في هذا الباب عن كعب أحسن من هذا الحديث".

وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الكبرى (٢/ ٣٩): "هذا الحديث رواه أبو داود والترمذي، وطريق الطحاوي أحسن وأجل إسنادًا".

قلت: الطريق الأول فيه: عمرو بن قسيط، أو: قسط: روى عنه أبو داود، وأبو زرعة، وذكره ابن حبان في الثقات، لكن قال أبو حاتم: "هو دون عمرو بن عثمان، خرج إلى أرمينية، فلما قدم كان قد توفي عبد الله بن جعفر الرقي، فبعث إلى أهل بيت عندهم، فأخذ منهم كتب عبيد الله بن عمرو"، وهذا جرح شديد من أبي حاتم، فإن عمرو بن عثمان بن سيار الرقي: ضعيف، قال فيه أبو حاتم: "يتكلمون فيه، كان شيخًا أعمى بالرقة، يحدث الناس من حفظه بأحاديث منكرة، ... "، فإذا كان هذا هو حال عمرو بن عثمان الرقي عند أبي حاتم، فما حال من هو دونه: عمرو بن قسيط، فهو على أحسن أحواله قد يكون سمع بعض حديثه عن عبيد الله بن عمرو الرقي، والباقي أخذه وجادة، وعبد الله بن جعفر بن غيلان الرقي: ثقة، لكن ما أدرانا ما حدث لكتابه بعد وفاته، مع أنه تغير قبل وفاته بسنتين، ومعلوم ما يدخل الوجادة من التصحيف والتحريف وغير ذلك، وأيًّا كان فإن هذا قدح شديد من أبي حاتم في الرجل، وهو جرح مفسر، فهو مقدم على مجرد التعديل بمن لا يروي إلا عن ثقة في الغالب، والله أعلم [الجرح والتعديل (٦/ ٢٤٩ و ٢٥٦)، الثقات (٨/ ٤٨٦)، التهذيب (٣/ ٢٩١ و ٢٩٨)، [وانظر: علل ابن أبي حاتم (١/ ٦٣ و ٣٢٦/ ١٦٥ و ٩٧٢) وعليه: فإن عمرو بن قسيط هذا: ضعيف.

والراوي عنه: الحسن بن علي الرقي: هو الحسن بن علي بن سعيد بن شهريار أبو علي الرقي: قال الدارقطني: "هو ضعيف"، وقال أبو سعيد بن يونس: "رَقِّي، توفي بمصر سنة سبع وتسعين ومائتين، لم يكن في الحديث بذاك، تعرف وتنكر"، وأنكر عليه الذهبي حديثًا [سؤالات الحاكم (٧٩)، تاريخ بغداد (٧/ ٣٧٣)، تاريخ الإسلام (٢٢/ ١٢٩)، الميزان (١/ ٥١٠)، اللسان (٣/ ٩٠)].

والحسن بن علي الرقي هذا لم يكن بالمشهور؛ فإن الحافظ أبا علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن القشيري الحراني لم يترجم له في كتابه "تاريخ الرقة ومن نزلها من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعين والفقهاء والمحدثين"، وظاهر صنيع الذهبي في المهذب يدل على أنه استحضر القدح فيه، فلم يحذفه من الإسناد؛ إذ إن عادته في تهذيب سنن البيهقي الكبرى أنه يحذف من لدن المصنف ما صح سنده، ويُبقي ما يُعرف به مخرج الحديث، فقد قال في المقدمة (١/ ٥): "وبقَّيت من السند ما يُعرف به مخرج الحديث، وما حذفت من السند إلا ما صح إلى المذكور"، وهذا الحديث ساقه الذهبي في تهذيبه (٣/ ١١٦٠) بإسناده كاملًا ولم يحذف منه شيئًا، وتصحيح البيهقي للسند لا يفيد شيئًا؛ إذ إنه علق صحته بحفظ الحسن بن علي الرقي له، وهو: ضعيف، لا يُعتمد عليه في إثبات هذا الطريق، فلا يصح الطريق به إلى عمرو بن قسيط على ضعفه، فسقط بذلك هذا الطريق، ولا يصلح مثله في المتابعات، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>