للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سوُّوا صفوفكم"، من حديث أَنس، كما سيأتي ذكره، وأما قصة العود الَّذي في القبلة، في مقام الإمام، والذي صُنع لكي يضع عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده، فيقول: "استَوُوا، واعْدِلوا صفوفَكم"، فهذا في ثبوته نظر، إذ الإسناد إليه ضعيف؛ فلم يتابع عليه مصعب، لا من حديث أَنس، ولا من حديث غيره من الصحابة.

• فإني لم أر قصة العود الَّذي في القبلة، إلا في هذا الحديث، وحديث مرسل رواه عبد الرزاق (١/ ٥٠٣/ ١٩٣٠)، قال: أخبرنا ابن جريج، عن ابن شهاب، عن عروة، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ما يقيم المؤذِّن ويسكتون، يتكلم بالحاجات ويقضيها، فجُعل له عود في القبلة كالوتد، يستمسك عليه لذلك.

وهذا على ضعفه [لإرساله، وضعف رواية ابن جريج عن الزهري]، فقد تابعه على أصل وجود العود في القبلة، لكن خالفه في علة وجوده، كذلك:

• فقد جاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أسنَّ وحمل اللحم اتخذ عودًا يعتمد عليه في مصلاه:

لما روي من طريقين: عن شيبان بن عبد الرحمن، عن حصين بن عبد الرحمن، عن هلال بن يساف، قال: قدِمت الرَّقَّة، فقال لي في بعض أصحابي: هل لك في رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: قلت: نعم؛ غنيمة، فدفعنا إلى وابصة بن معبد، قلت لصاحبي: نبدأ فننظر إلى دَلِّه، فإذا عليه قلنسوة لاطية، ذات أذنين، وبُرْنُس خَزٍّ أغبر، وإذا هو معتمد على عصا في صلاته، فقلنا له بعد أن سلَّمنا؛ فقال: حدثتني أم قيس بنت محصن: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أسنَّ وحمل اللحم اتخذ عمودًا [وفي رواية: عودًا] في الصلاة [وفي رواية: في مصلاه] يعتمد عليه.

أخرجه أبو داود (٩٤٨)، ووكيع في أخبار القضاة (٣/ ٢٧٨)، والطبراني في الكبير (٢٥/ ١٧٧/ ٤٣٤)، والحاكم (١/ ٢٦٤)، والبيهقي (٢/ ٢٨٨)، والبغوي في شرح السنة (٣/ ٢٤٨ - ٢٤٩/ ٧٣١)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٦٢/ ٣٤٢)، والمزي في التهذيب (١٧/ ١٨٤).

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، غير أنهما لم يخرجا لوابصة بن معبد لفساد الطريق إليه قلت: إسناد الحاكم إليه صحيح، لكنه ليس على شرطهما.

وضعفه ابن حزم في المحلى (٤/ ٤٩)، لأنَّ في إسناد أبي داود وغيره من يُجهل، ولم يقف على طريق الحاكم، ثم قال: "وليس فيه أنَّه كان - صلى الله عليه وسلم - يعتمد عليه في نفس الصلاة، والأحاديث الصحاح أنَّه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي قاعدًا، فإذا بقي عليه من القراءة مقدار ما قام فقرأ ثم ركع".

وأعله بنحو ذلك عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الكبرى (٢/ ٣٢١)، وانظر: بيان الوهم (٥/ ٥٤٢/ ٢٧٧٣).

وإسناده صحيح، وهلال بن يساف قد سمع من وابصة بن معبد؛ كما في هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>