للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تزوجها وهو محرم، وهمه في ذلك سعيد بن المسيب، روي عنه ذلك من وجهين، قال في أحدهما: "وهِلَ ابنُ عباس -وإن كانت خالته-، ما تزوجها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلا بعد ما أحل"، وقال أحمد بن حنبل: "ابن المسيب يقول: وهم ابن عباس، وميمونة تقول: تزوجني وهو حلال" [الفتح (٩/ ١٦٥) وقال ابن تيمية: "وفيه [يعني: صحيح البخاري] عن بعض الصحابة ما يقال: إنه غلط، كما فيه: عن ابن عباس؛ أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تزوج ميمونة وهو محرم، والمشهور عند أكثر الناس: أنه تزوجها حلالًا" [مجموع الفتاوى (١٨/ ٧٣)]، وقال ابن القيم في الزاد (١/ ١١٣): "فإن السفير بينهما بالنكاح أعلم الخلق بالقصة، وهو أبو رافع، وقد أخبر أنه تزوجها حلالًا، وقال: كنت أنا السفير بينهما، وابن عباس إذ ذاك له نحو العشر سنين أو فوقها، وكان غائبًا عن القصة لم يحضرها، وأبو رافع رجل بالغ، وعلى يده دارت القصة، وهو أعلم بها" [وانظر أيضًا: (٣/ ٣٧٢)]، وقال في موضع آخر (٥/ ١١٣): "قال ابن عباس: تزوجها محرمًا، وقال أبو رافع: تزوجها حلالًا، وكنت الرسول بينهما، وقول أبي رافع: أرجح، لعدة أوجه: أحدها: أنه إذ ذاك كان رجلًا بالغًا، وابن عباس لم يكن حينئذٍ ممن بلغ الحلم، بل كان له نحو العشر سنين، فأبو رافع إذ ذاك كان أحفظ منه، الثاني: أنه كان الرسول بين رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبينها، وعلى يده دار الحديث، فهو أعلم به منه بلا شك، وقد أشار بنفسه إلى هذا إشارة متحقق له ومتيقن، لم ينقله عن غيره بل باشره بنفسه، الثالث: أن ابن عباس لم يكن معه في تلك العمرة، فإنها كانت عمرة القضية، وكان ابن عباس إذ ذاك من المستضعفين الذين عذرهم الله من الولدان، وإنما سمع القصة من غير حضور منه لها، الرابع: أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين دخل مكة بدأ بالطواف بالبيت ثم سعى بين الصفا والمروة وحلق ثم حلَّ، ومن المعلوم أنه لم يتزوج بها في طريقه، ولا بدأ بالتزويج بها قبل الطواف بالبيت، ولا تزوج في حال طوافه، هذا من المعلوم أنه لم يقع، فصح قول أبي رافع يقينًا، الخامس: أن الصحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم- غلطوا ابن عباس، ولم يغلطوا أبا رافع، السادس: أن قول أبي رافع موافق لنهي النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن نكاح المحرم، وقول ابن عباس يخالفه، وهو مستلزم لأحد أمرين، إما لنسخه، وإما لتخصيص النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بجواز النكاح محرمًا، وكلا الأمرين مخالف للأصل، ليس عليه دليل فلا يقبل، السابع: أن ابن أختها يزيد بن الأصم شهد أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تزوجها حلالًا، قال: وكانت خالتي وخالة ابن عباس، ذكره مسلم".

ومثل: قوله اجتهادًا منه: الطواف صلاة؛ إلا أن الله أباح فيه الكلام.

فإن هذا اجتهاد من ابن عباس، إذ هو راوي هاتيك الواقعة التي تكلم فيها النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أثناء الطواف، فقد روى البخاري (١٦٢٠ و ١٦٢١ و ٦٧٠٢ و ٦٧٠٣) من حديث ابن عباس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مرَّ وهو يطوف بالكعبة بإنسان ربط يده إلى إنسان بسَيْرٍ أو بخيط أو بشيء غير ذلك، فقطعه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيده، ثم قال: "قُدْهُ بيده".

ومن المعلوم أن الطواف لداخل المسجد الحرام يقوم مقام صلاة ركعتي تحية

<<  <  ج: ص:  >  >>