للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجهين: أنه يوجَدُ لكلِّ واحدٍ منهما وجهٌ، وأن الذي رواه منهما معًا واحدٌ، وهو ابن عباس، فعلمنا أن لجَمْعِهِ في الحضرِ علَّةٌ فرَّقتْ بينه وبين إفراده، فلم يكُنْ إلا المطرُ -والله تعالى أعلم- إذا لم يكُنْ خوفٌ، ووجدْنا في المطرِ علَّةَ المشقَّة، كما كان في الجمع في السفرِ علَّةُ المشقَّة العامَّة".

* وقال ابن خزيمة (٢/ ٨٥) (٢/ ١٧٠ - ط. الميمان): "لم يختلف العلماء كلهم أن الجمع بين الصلاتين في الحضر في غير المطر غير جائز، فعلمنا واستيقنا أن العلماء لا يجمعون على خلاف خبر عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صحيح من جهة النقل، لا معارض له عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولم يختلف علماء الحجاز أن الجمع بين الصلاتين في المطر جائز، فتأولنا جمع النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الحضر على المعنى الذي لم يتفق المسلمون على خلافه، إذ غير جائز أن يتفق المسلمون على خلاف خبر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من غير أن يرووا عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خبرًا خلافه، فأما ما روى العراقيون: أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جمع بالمدينة في غير خوف ولا مطر، فهو غلط وسهو، وخلاف قول أهل الصلاة جميعًا، ولو ثبت الخبر عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه جمع في الحضر في غير خوف ولا مطر: لم يحل لمسلم علم صحة هذا الخبر أن يحظر الجمع بين الصلاتين في الحضر في غير خوف ولا مطر، فمن ينقل في رفع هذا الخبر بأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جمع بين الصلاتين في غير خوف ولا سفر ولا مطر، ثم يزعم أن الجمع بين الصلاتين على ما جمع النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بينهما غير جائز، فهذا جهل وإغفال، غير جائز لعالم أن يقوله".

وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٢/ ٢١٠): "أجمع العلماء على أنه لا يجوز الجمع بين الصلاتين في الحضر لغير عذر على حالٍ البتة؛ إلا طائفة شذت".

وقال في الاستذكار (٢/ ٢١٢): "وقالت طائفة شذت عن الجمهور: الجمع بين الصلاتين في الحضر وإن لم يكن مطر - مباح؛ إذا كان عذرٌ وضيقٌ على صاحبه، ويشقُّ عليه، وممن قال ذلك: محمد بن سيرين، وأشهب صاحب مالك، وكان ابن سيرين لا يرى بأسًا أن يجمع بين الصلاتين إذا كانت حاجةٌ أو عذرٌ ما لم يتخذه عادة، وقال أشهب بن عبد العزيز: لا بأس بالجمع عندي بين الصلاتين كما جاء في الحديث: "من غير خوف ولا سفر"، وإن كانت الصلاة في أول وقتها أفضل.

* قلت: قد صح عن أهل المدينة أنهم كانوا يجمعون بين المغرب والعشاء في الليلة المطيرة، فكان ابن عمر يصلي معهم، لا يعيب ذلك عليهم:

روى مالك بن أنس، وأيوب السختياني، وعبيد الله بن عمر، ورجاء بن حيوة، ومحمد بن عجلان:

عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء في المطر، جمع معهم. واللفظ لمالك.

أخرجه مالك في الموطأ (١/ ٢٠٨/ ٣٨٦)، وعبد الرزاق (٢/ ٥٥٦/ ٤٤٣٨ و ٤٤٣٩

<<  <  ج: ص:  >  >>