للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن حجر في الفتح (٢/ ٥٦٢): "والمدة التي في حديث أنس يُستدَلُّ بها على من نوى الإقامة؛ لأنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أيام الحج كان جازمًا بالإقامة تلك المدة".

ثم قال: "وإطلاق اسم البلد على ما جاورها وقرُب منها؛ لأن منى وعرفة ليسا من مكة، أما عرفة فلأنها خارج الحرم، فليست من مكة قطعًا، وأما منى ففيها احتمال، والظاهر أنها ليست من مكة؛ إلا إن قلنا: إن اسم مكة يشمل جميع الحرم".

ثم قال: "وقال المحب الطبري: أطلق على ذلك إقامةً بمكة؛ لأن هذه المواضع مواضع النسك، وهي في حكم التابع لمكة؛ لأنها المقصود بالأصالة، لا يتجه سوى ذلك، كما قال الإمام أحمد، والله أعلم".

وقال ابن الهمام في فتح القدير (٢/ ٣٦): "ولا يمكن حمله على أنهم عزموا قبل أربعة أيام غير أنهم اتفق لهم أنهم استمروا إلى عشر؛ لأن الحديث إنما هو في حجة الوداع، فتعيَّن أنهم نووا الإقامة حتى يقضوا النسك" [انظر: نصب الراية (٢/ ١٨٣)].

وقد احتج بحديث أنس هذا على مدة الإقامة التي يقصر فيها: البخاري والدارمي والترمذي والنسائي وغيرهم.

• ويمكن أن يلحق بحديث أنس هذا إتمامًا للمدة التي يَقصُر فيها من عزم إقامةً، فإن عزم فوق ذلك فعليه الإتمام [كما فعل الدارمي والنسائي]:

حديث العلاء بن الحضرمي في الإذن للمهاجرين أن يقيموا بمكة ثلاثة أيام بعد الصدر، فتضاف للعشرة؛ فيكون مجموعها اثني عشر يومًا، باعتبار ابتداء زمن الرخصة بعد النفر من منى إلى مكة ظهر اليوم الثالث عشر، وذلك أنها قيلت في نفس الموطن، وكأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أذن لمن أراد المكث بمكة لقضاء حاجةٍ في ثلاثة أيام فقط بعد فراغه من نسكه، فيقصر فيها أيضًا؛ إذ لم يأمره بالإتمام: فيصبح المجموع اثني عشر يومًا:

فقد روى السائب بن يزيد، قال: سمعت العلاء بن الحضرمي، يقول: سمعت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "للمهاجر إقامةُ ثلاثٍ بعد الصَّدَر بمكة"، كأنه يقول: لا يزيد عليها.

وفي رواية: "يقيم المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثًا"، وفي أخرى: رخَّص رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للمهاجرين أن يقيموا ثلاثًا بعد الصدر بمكة.

أخرجه البخاري (٣٩٣٣)، ومسلم (١٣٥٢)، ويأتي تخريجه مفصلًا في موضعه من السنن برقم (٢٠٢٢)، إن شاء الله تعالى.

° ويمكن أن يقال: إن ابن عمر ممن قال بهذه المدة:

فقد روى ابن شهاب الزهري، عن سالم بن عبد الله؛ أن عبد الله بن عمر كان يقول: أُصلي صلاةَ المسافر، ما لم أُجمِع مُكثًا، وإن حبسني ذلك اثنتي عشرة ليلة.

وهو صحيح عن ابن عمر، وتقدم ذكره قريبًا.

• وروى محمد بن عجلان [صدوق]، وعبد الله بن عمر العمري [ليس بالقوي]:

عن نافع، عن ابن عمر قال: إذا أزمعت بالإقامة ثنتي عشرة [ليلة] فأتم الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>