للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: فإن لم يضطجع عليه شيء؟ قال: لا، عائشة ترويه وابن عمر ينكره.

وقال الخلال: وأنبانا المروزي؛ أن أبا عبد الله [يعني: الإمام أحمد] قال: حديث أبي هريرة ليس بذاك، قلت: إن الأعمش يحدث به عن أبي صالح عن أبي هريرة؟ قال: عبد الواحد وحده يحدث به قلت: لم يقنع به أحمد، حتى يقبل تفرده بذلك، مع مخالفته غيره، وقد قرر أحمد - كما تقدم - أن المحفوظ فيه الفعل، لا الأمر.

وقال ابن العربي: "إنه معلول؛ لم يسمعه أبو صالح من أبي هريرة، وبين الأعمش وأبي صالح كلام" [عارضة الأحوذي (٢/ ٢١٧)، التوضيح (٩/ ١٤٦)]، ولم أقف على من سبقه إلى ذلك.

وقال ابن القيم في الزاد (١/ ٣١٩): "وسمعت ابن تيمية يقول: هذا باطل، وليس بصحيح، وإنما الصحيح عنه الفعل لا الأمر بها، والأمر تفرد به عبد الواحد بن زياد، وغلط فيه، وأما ابن حزم ومن تابعه فإنهم يوجبون هذه الضجعة، ويبطل ابن حزم صلاة من لم يضطجعها بهذا الحديث، وهذا مما تفرد به عن الأمة".

وقال الذهبي في الميزان (٢/ ٦٧٢): "عبد الواحد بن زياد أبو بشر العبدي البصري: أحد المشاهير، احتجا به في الصحيحين، وتجنبا تلك المناكير التي نقمت عليه، فيحدث عن الأعمش بصيغة السماع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلى أحدكم الركعتين قبل الصبح فليضطجع على يمينه"، أخرجه أبو داود"، ثم نقل كلام القطان والطيالسي الآنف ذكره، وبعض كلام أئمة الجرح والتعديل فيه.

وقال في ديوان الضعفاء (٢/ ١٣١/ ٢٦٥٧): "فمن يكون هذه حالته كيف يفرض ابن حزم على الأمة بخبره المنكر الاضطجاع بعد سنة الصبح".

يشير بذلك إلى ما قاله ابن حزم في محلاه (٣/ ١٩٦): "كل من ركع ركعتي الفجر لم تجزه صلاة الصبح؛ إلا بان يضطجع على شقه الأيمن بين سلامه من ركعتي الفجر، وبين تكبيره لصلاة الصبح، وسواء عندنا ترك الضجعة عمدًا أو نسيانًا؛ وسواء صلاها في وقتها أو صلاها قاضيًا لها من نسيان، أو عمد نوم، فإن لم يصل ركعتي الفجر لم يلزمه أن يضطجع، ... " إلى آخر ما قال، ثم احتج بحديث عبد الواحد هذا.

لكن قال ابن حجر في الفتح (٣/ ٤٤) ردًا على طعن ابن تيمية في صحة الحديث: "والحق أنه تقوم به الحجة يعني: عبد الواحد، أو حديثه هذا، قلت: نعم؛ هو ثقة، من أصحاب الأعمش، وروايته عنه في الصحيحين، لكن له أوهام عن الأعمش تُكُلم فيه بسببها، وقد خالف الناس في حديثه هذا، ولم يتابع عليه، فكيف يقال عندئذ: تقوم به الحجة، مع وجود المخالفة القاضية عليه بالخطأ والزلل في روايته؟

لاسيما وحديث عائشة في الصحيحين إنما هو من فعله - صلى الله عليه وسلم -، لا من قوله، ويأتي ذكره.

قال بدر الدين الزركشي في النكت على مقدمة ابن الصلاح (٢/ ١٦٣): "عبد الواحد احتج به الشيخان؛ لكنه خالف الناس".

<<  <  ج: ص:  >  >>