للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قال قائل: كم من حديث لم يروه إلا واحد؟ قيل: صدقت؛ كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجلس فيتكلم بالكلمة من الحكمة لعله لا يعود لها آخر دهره، فيحفظها عنه رجل، وهذه ركعات كما قال عاصم: كان يداوم عليها، فلا يشتبهان.

ثم خالف روايةَ الأمة واتفاقَها؛ حين روى: أن في خمس وعشرين من الإبل خمسًا من الغنم.

وهذا حماد بن سلمة عن ثمامة بن عبد الله عن أنس؛ أن أبا بكر كتب له الصدقة التي فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فيما دون خمس وعشرين من الإبل في كل خمس شاة، فإذا بلغت خمسًا وعشرين ففيها ابنة مخاض، وكذلك حكاية الزهري عن عبد الله بن عمر، وما حكى سفيان بن عيينة عن الزهري أيضًا كذلك.

وسألت عليًا - يعني: ابن المديني - عن عاصم والحارث؟ فقال لي: يا أبا إسحاق! مثلك يسأل عن ذا؟ الحارث كذاب.

قال علي: وسمعت يحيى بن سعيد يقول: قال سفيان: كنا نعرف فضل حديث عاصم على حديث الحارث".

هكذا كان الجوزجاني أمينًا في النقل، ولم يكن ليحيف على عاصم بن ضمرة، فقد نقل فيه قول الثوري، وتقديمه إياه على الحارث، لكن ذلك لا يمنع الناقد من بيان وهم الواهم فيما وهم فيه، وخالف فيه الثقات، ولم ينفرد الجوزجاني في نقده لهذين الحديثين، أما الأول: فقد وافقه على تضعيفه: الإمام الجهبذ الناقد عبد الله بن المبارك، وأما الثاني: فهو مخالف لإجماع الأمة كما قال ابن المنذر.

° قلت: عاصم بن ضمرة: صدرق فيما رواه عنه أبو إسحاق السبيعي؛ لكنه أحيانًا ينفرد عن علي بأحاديث منكرة، لم يتابع عليها، بل قد خولف فيها:

فمنها: قوله في حديث الصدقات، في صدقة الإبل: "في خمس وعشرين خمس شياه، فإذا كانت ستًا وعشرين ففيها ابنة مخاض"، وهذا مخالف لما ثبت في السُّنَّة، من أنه: إذا بلغت خمسًا وعشرين ففيها بنت مخاض.

قال الشافعي: "ولسنا ولا إياهم ولا أحد علمناه نأخذ بهذا، والثابت عندنا من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن في خمس وعشرين بنت مخاض، فإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون ذكر" [الأم (٧/ ١٧٠) (٨/ ٤١٨/ ٣٣٤٠)، المعرفة (٣/ ٢٢٧)، الشافي شرح مسند الشافعي (٣/ ٣٩)].

وقال أبو عبيد: "فقد تواترت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصدقة، وكتاب عمر، وما أفتى به التابعون بعد ذلك، بقول واحد في صدقة الإبل، من لدن خمس ذود إلى عشرين ومائة، فلم يختلفوا إلا في حديث واحد يروى عن علي، لا نراه حفظ عنه، ... فأسنده ثم قال: "عن علي، أنه قال مثل هذه الأخبار كلها، إلا في موضع واحد، فإنه قال: في خمس وعشرين من الإبل خمس شياه، وهذا قول ليس عليه أحد من أهل

<<  <  ج: ص:  >  >>