للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لكنه خالف في المواظبة على الضحى، وفي وقتين منفصلين، أحدهما: بعد ارتفاع الشمس حتى تكون كهيئتها في العصر من قبل المغرب، فيصلي حينئذ ركعتين، والثاني: قبيل انتصاف الشمس في كبد السماء، إذا كانت الشمس كهيئتها في الظهر من قبل المغرب، فيصلي حينئذ أربع ركعات، وهذا مما انفرد به عاصم بن ضمرة، ولم يتابع عليه، وكذلك ذكر الأربع قبل العصر، فهذه ثلاثة أوقات للنافلة المسنونة لم يتابع عليها عاصم.

وصلاة الضحى وإن ثبت في فضلها والأمر بها أحاديث في الصحيحين وغيرهما، لكن لم يحفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من فعله مداومته عليها، وإن كان ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - فعلها أحيانًا، فقد ثبت عن عائشة أنها نفت رؤيتها للنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي الضحى قط، وأثبتت أنه كان يصليها إذا قدم من مغيبه، وأثبتت أنه كان يصليها أربعًا [وسيأتي تخريج هذه الأحاديث - إن شاء اللّه تعالى - في موضعها من السنن في باب صلاة الضحى، برقم (١٢٨٥ - ١٢٩٤)].

والحاصل: فإنه لم يثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يداوم عليها، قال الأثرم في الناسخ (١٢٠): "فالوجه في هذه الأحاديث: أنه كان يصليها ويتركها، وقد ذكر فضلها، فرآه قوم يصليها فحفظوا ذاك، ورآه قوم تركها فحفظوا ذاك".

كذلك فإن تعيين هذين الوقتين لصلاة الضحى مما لم يتابع عليه عاصم بن ضمرة، واللّه أعلم.

* وقد روي عن علي خلاف ذلك في أول وقت الضحى:

رواه وكيع بن الجراح [ثقة حافظ]، قال: ثنا يوسف بن صهيب [الكندي: ثقة، من السادسة]، عن حبيب بن يسار [الكندي: ثقة، من الثالثة]، عن أبي رملة الأزدي، عن علي؛ أنه رآهم يصلون الضحى عند طلوع الشمس، فقال: هلا تركوها حتى إذا كانت الشمس قدر رمح أو رمحين صلوها، فتلك صلاة الأوابين.

أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ١٧٤/ ٧٨٠٢).

• ورواه محمد بن عبيد [الطنافسي: ثقة يحفظ]، قال: حدثنا يوسف بن صهيب، عن حبيب بن يسار، عن أبي رملة؛ أن عليًا خرج إلى الرحبة بعد طلوع الشمس وليس بها كبير أحد، فسأل عنهم، فقال: أين هم؟ فقالوا: في المسجد يا أمير المؤمنين، فأرسل إليهم فدعاهم، فسأل الرجل: ما وجدتهم يصنعون؟ قال: من بين قائم في صلاة، أو جالس في حديث، فلما أتوه قال علي: يا أيها الناس إياكم وصلاة الشيطان! ولكن إذا كانت الشمس قِيسَ رمحين فليقم الرجل فليصل ركعتين، فتلك صلاة الأوابين.

أخرجه ابن سعد في الطبقات (٦/ ٢٣٩).

قلت: هذا موقوف على علي بن أبي طالب بإسناد رجاله ثقات سوى التابعي، وأبو رملة هذا هو: عبد اللّه بن أبي أمامة، وليس هو: ابن ثعلبة الأنصاري، ذكره ابن حبان في الثقات، وخلط بينه وبين الأنصاري، وهو في عداد المجاهيل، ولم يذكر سماعًا من علي

<<  <  ج: ص:  >  >>