للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: أرسلني مدرك، أو ابن مدرك إلى عائشة أسألها عن أشياء، ... فذكر الحديث بطوله، إلى أن قال: وسألتها عن الركعتين بعد العصر؟ فقالت: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث رجلًا على الصدقة، قالت: فجاءته عند الظهر، فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الظهر، وشُغل في قسمته حتى صلى العصر، ثم صلاها.

وهذا محمول على أن عائشة روت ما أخبرتها به أم سلمة، دون أن تذكر أم سلمة، وقد كانت عائشة إذا سئلت عن قضاء النبي -صلى الله عليه وسلم- ركعتي الظهر البعدية فصلاهما بعد العصر؛ تحيل فيه على أم سلمة، كما صح ذلك في حديث الباب، فلا حرج أن ترويه عائشة بعد ذلك وترسله؛ لأن مراسيل الصحابة مقبولة، لكن لا يحفظ عنها في ذلك أنه صلاهما لأول مرة في بيتها هي، ولكنه داوم عليهما في بيتها بعد ذلك، هكذا يمكن الجمع بين الأحاديث دون الحاجة إلى توهيم الرواة في ذلك، والله أعلم.

وهذا بخلاف ما ذهبتُ إليه في طرق حديث أبي سلمة عن أم سلمة، لاتحاد المخرج هناك، والله أعلم.

وفي النهاية يمكن القول بأن عبد الله بن أبي قيس الحمصي لم يكن من أصحاب عائشة المكثرين عنها، وإنما ورد عليها مرة واحدة فسألها في مسائل، ثم انطلق إلى بلده، فربما أجابته عائشة بما يصلح له، مراعاة لحاله، فاختصرت له ما يمكن اختصاره من المسائل دون الخوض في تفاصيل ما وقع في شأن ركعتي العصر، وهذا عندي كالمتشابه الذي يرد إلى المحكم من رواية الثقات الأثبات المكثرين عن عائشة، مثل: ابن أختها عروة بن الزبير، وكذا عبد الله بن الزبير، ومسروق، والأسود بن يزيد، وكريب، وأبي سلمة، وجماعة غيرهم من الثقات، والله أعلم.

١٩ - وروى إسرائيل بن أبي إسحاق، وأبو عوانة، وخالد بن عبد الله الواسطي [وهم ثقات أثبات]:

عن المغيرة، عن أم موسى، قالت: سألت عائشة عن الركعتين بعد العصر؟ فقالت: ما أتاني النبي -صلى الله عليه وسلم- في يوم إلا صلى بعد العصر ركعتين. لفظ إسرائيل.

ولفظ الواسطي [عند أبي يعلى]: عن المغيرة، عن أم موسى، قالت: إن ناجية بنت قرظة أرسلتني إلى عائشة أسألها عن الصلاة بعد العصر، قالت: فأتيتها وما أبالي ما قالت بعد الذي رأيت من علي [يعني: يصلي بعد العصر، كما عند أبي يعلى (٤٧٢٤) بنفس الإسناد]، قالت: فأخبرت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي بعد العصر.

أخرجه أحمد (٦/ ١٠٩)، وأبو يعلى (٨/ ١٧١/ ٤٧٢٥)، والطحاوي (١/ ٣٠١)، [الإتحاف (١٧/ ٨١٣/ ٢٣٢٧٩)، المسند المصنف (٣٧/ ٢٠٨/ ١٧٨٣٨)].

قلت: مغيرة هو: ابن مقسم الضبي، وهو: كوفي ثقة متقن، وكان يدلس، ولم يذكر سماعًا من أم موسى، فإن أم موسى هذه كانت سريةً لعلي بن أبي طالب، وقد أكثر عنها مغيرة بغير سماع، وليس لها راوٍ غيره، ولم أقف على شيء يدل على سماعه منها إلا ما

<<  <  ج: ص:  >  >>